الصداقة الروحية - الطلبة والجاموس! - ابن الحمير! - معركة في غير ميدان - حمار الحكيم! - الرفيق قبل الطريق - عشنا وشفنا فقد اكتوينا بنار الحوادث في حربين.
الصداقة الروحية
كانت قسوة الشواغل قضت بأن أُحرَم أُنس الحديث مع قراء (الرسالة) نحو شهرين، وهي شواغل متصلة بخدمة اللغة العربية في آفاق لا يسايرُنا فيها القراء لأنها متصلة بحياة التعليم، وهي حياة لا يُنشر من أخبارها شيء إلا بعد أن يستوثق الباحث من أنه وصل فيها إلى آراء تستحق التسجيل بطريقة علنية، وذلك لا يتيسر إلا بالجهاد العنيف في الأعوام الطوال، كالذي تَيسَّر في الأبحاث التعليمية التي نشرتها في الجزء الثالث من كتاب (ليلى المريضة في العراق) وفي كتاب (البدائع) وكتاب (وحي بغداد)
وأنا بهذا الكلام أعتذر عما قيل من أنني جَنَحتُ إلى الراحة في الأسابيع الماضية، فما كان من ذلك شيء، وإنما حرصتُ على تأدية واجباتي الرسمية تأدية ترفع عن صدري كرب الغيظ من أن يكون في الزملاء مَن هو أحرص مني على تأدية الواجب، فقد قلت مرة على صفحات (الرسالة) إن في وزارة المعارف رجالاً يجري في خواطرهم أنهم ليسوا موظفين، وإنما يدبِّرون ملكهم الخاصّ، وأنا من هؤلاء مكروبٌ مَغيظ، ومع ذلك أتمنى أن يُكثر الله من أمثالهم في الدولة المصرية. والفُرص أمامي لأسبقهم في ميادين الكفاح الصادق حين أشاء
انتهى العام الدراسي بخير، ولم تبق إلا أعمال خفيفة لا تستنفذ الوقت، فما عسى أن أصنع؟
هل أذهب لقضاء الصيف في باريس؟
وكيف وقد انقطع بيني وبينها الطريق؟
هل أمضي لقضاء الصيف في الإسكندرية؟
وكيف وقد انفضت الملاعب حول الشواطئ، وضاعت الفرصة على مواعظ الشيخ أبي العيون؟ وما أسخفَ الحياةَ التي تستقيم استقامة مُطْلقة فلا يثور عليها واعظ، ولا يتطاول في تثريبها عاذل، ولا يَشقَى في تَعقُّبها رقيب!