في الأقطار القطبية الشمالية لا تغرب الشمس وقت الانقلاب الصيفي (أي حوالي ٢١ يونية) بل تبقى فوق الأفق طول الأربع والعشرين ساعة. ويذهب حينئذ كثير من عشاق الطبيعة إلى الجزء الشمالي من شبه جزيرة اسكاندوناوه أو إلى اسبتزبرجن لرؤية (الشمس في منتصف الليل) كما يسمونها. ولكي نفهم إمكان حدوث هذه الظاهرة يكفي أن نتذكر أن القطب الشمالي للكرة السماوية (موضع النجم القطبي تقريبا) يرتفع عن الأفق كلما تحركنا شمالاً على سطح الأرض. حتى إذا دخلنا الدائرة القطبية صار ارتفاعه عن الأفق أكثر من ٦٦. ٣٣ْ أي أكثر من بعد الشمس عن القطب الشمالي عند الانقلاب الصيفي. وبذلك يصير شأن الشمس حينئذ شأن النجوم المحيطة بالقطب والتي تدور في حركتها اليومية في دوائر محيطة بالقطب دون أن تشرق أو تغرب. ومع أن أمر هذه الظاهرة معلوم لدى الخاص والعام إلا أن القليل منا من يعرف أنه من الممكن رؤية الشمس (لا الشمس ذاتها) في منتصف الليل دون أن نتطرف شمالا إلى أبعد من خط عرض باريس أو جنوب إنجلترا. فالشمس بعد أن يختفي قرصها المنير تحت الأفق تبقى أشعتها مضيئة للطبقات العليا من الهواء الجوي وينشأ عن ذلك نور منتشر هو الذي يعرف بالشفق. ويظهر الشفق كقطعة من دائرة تنخفض مع الشمس في انخفاضها تحت الأفق نحو ١٨ درجة أي بمقدار القطر الظاهري لقرص الشمس نحو ٣٦ مرة، ويجب أن نميز بين هذا النوع من الشفق وبين نوع آخر ناشئ عن وقوع ظل الأرض على الهواء الجوي، يظهر في الناحية الشرقية للسماء كقطعة من دائرة منيرة ذات لون أزرق قاتم يحيط بها قوس ضارب إلى الحمرة ثم يرتفع تدريجيا ويتلاشى سريعا حتى ينعدم قبل أن يصل إلى سمت الرأس. كما يجب أيضا أن يميز بين شفق الغروب وشفق الشروق الذي يظهر عند الفجر وفيه تبدو جميع مظاهر الشفق بترتيب عكسي لما ذكرناه آنفا.
وفي مصر كما في سائر البلدان القريبة من خط الاستواء تهبط الشمس عند الغروب سريعا ولذا فأن الشفق لا يبقى طويلا، ففي مصر يصل انخفاض الشمس عن الأفق وقت الانقلاب