للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

في المعلقات أيضاً

للأستاذ عبد المتعال الصعيدي

. . . وكنت عازماً على العودة إليها بتكملة رأيي فيها، وأقول رأيي وإن حاول بعضهم أن يجعله رأي عالم أوربي سبقني إليه فلا يكون لي جديد فيه، وقد اشتغلت بالكتابة في العلم والدين والأدب والتاريخ من نحو خمس عشرة سنة، ولى في ذلك بفضل الله آراء كثيرة جديدة خالصة جِدتها لي، ولم يحاول أحد في رأي منها ماحوول في رأيي الجديد في المعلقات، اللهم إلا ما كان من الأستاذ الجليل أنطون الجميل فيما كان بيني وبين الأستاذ زكي مبارك في نقد تسمية العصر الأدبي قبل الإسلام باسم العصر الجاهلي، لأنها تسمية دينية لا أدبية، وكان بيننا في ذلك جدال فيمن هو صاحب ذلك الرأي مني ومنه، فذكر الأستاذ الجميل أن هذا الرأي ليس لي ولا له وفلاناً مسبوق به، فأما أنا فذهبت إليه فلم أجد عنده في ذلك شيئاً فاكتفيت بذلك منه، وأما الأستاذ زكي فإنه سكت على ذلك، وهو من عادته ألا يسكت عن شيء، وألا يرضى بالهزيمة وهو منهزم، ولعله رضى من ذلك بما رضيت به إحدى المرأتين اللتين تنازعتا في ولد عند سليمان عليه السلام.

وكذلك هذا الرأي الذي أذهب إليه في المعلقات ليس هو رأي الأستاذ نولدكه، ولا رأي الأستاذ كليمان هيار، وإنما هو توجيه جديد لتسمية هذه القصائد باسم المعلقات أصح من توجيههما لها، فإني أرى أن المعلقات اسم مفعول مشتق من التعليق بمعنى الحفظ أو الشرح أو الحب والتتبع كما قال الشاعر:

علقتها عرضاً وعلقت رجلا ... غيري وعلق أخرى ذلك الرجل

وكما يقولون فلان علق علم أي يحبه ويتبعه، وعلق شر كذلك.

وأما الأستاذ نولدكه فيحاول أن يحمل اسم المعلقات معنى علق، وهو الشيء النفيس فتعني هذه التسمية عنده أن هذه القصائد قد سمت إلى درجة خاصة مجيدة، وهي محاولة خاطئة، لأن العلق بمعنى الشيء النفيس صفة مشبهة لا يشتق منها اسم مفعول هكذا (معلقات)، وإنما يشتق اسم المفعول من المصادر وما في معناها، ولم يقل أحد إن اسم المعلق يطلق على الشيء النفيس، وإنما الذي يطلق عليه اسم العلق فقط فاخذ أحدهما من الآخر خبط وخلط.

<<  <  ج:
ص:  >  >>