وقفت أمس في قلب الصحراء أتحدث إليها، وإليك ما دار بيننا:
من أنت أيتها الصحراء؟
أنا الجبال منبطحة وقد صرعتها الأقدار. . .
ألست شيئاً آخر؟
أنا بحر ماتت أمواجه وتقمصت رمالاً. . .
كيف أنت والأفق؟
أرى في نجومه رمالي ويرى في شمسه. .
والعبقرية؟
أنا أذنها التي تلتقط أصواتها التي لا يلتقطها الناس. .
والمرأة والحب؟
أنا ليلى ومجنونها. . وجميل وبثينة. . وعروة وعفراء. . والبحتري وعلوة. . وابن أبي
ربيعة والثريا. .
والجمل؟
هو رفيقي القديم، أحبه ويحبني ويعانق صبره صبري. .
على أي شيء تصبرين؟
أصبر على لهيب القدر الذي جاءني بهذه الأرحام المضطرمة. .
أنا في رمالي نار تأكل نفسها!. .
أقاسية أنت أيتها الصحراء أم رحيمة؟
أنا قاسية لأضل الذين يضلون الناس، ورحيمة إذا رضيت بأن أكون الصحراء لتبقى لك
الروضة تستلذها، وليبقى لكالماء نستطيبه. . . ألا ترى أنه لولا شبح الليل لم يكن لشعاع النور معناه. . . إن القدر أقامني رحمة بك. . لقد بسطني لتطوى مراحلك في الحياة طروباً. . .