زعموا أن ملكاً من ملوك القرون الغابرة الأولى. قيل له أن الفشل والإخفاق لن يملكا إليه سبيلاً، إذا ما أدرك دواماً خير الأحيان للانطلاق في العمل الذي يروق لباله ويعن لخاطره وإذا ما ألم بأجدر الناس بالإنصات إليهم والإصغاء إلى حديثهم. . . ومن هم أولئك الذين ينبغي عليه أن يجانبهم ويرغب عن مجلسهم!. . . وإذا ما تناهي علمه إلى معرفة أحق الأشياء بالعمل وأخلقها بالتحقيق فأمر الملك رجاله بأن يذيعوا في آفاق مملكته، أن كل من يشير على الملك بخير الأوقات للعمل وأجدر الناس بالإنصات والصحبة وأفضل الأشياء وأحقها بالعناية والرعاية سوف يجازى جزاء حسناً ويحظى بهبة سنية من لدنه. . . وأقبل العلماء وأهل الخبرة والتجربة من كل فج على الملك يتنافسون ويتسابقون يجلون له ما غمض عليه ويجيبونه على ما سألهم إياه. بيد أنهم تباينوا في آرائهم وتعارضوا في أقوالهم واختلفوا في مشورتهم. فقال بعضهم - جواباً على السؤال الأول - أن ليس ثمت سبيل إلى معرفة خير الأحيان إلا بتسطير لوحة تسجل عليها الأيام والأشهر والسنون، ولا يسير المرء في شئون الحياة إلا وفق نظامها. وبهذا ينجلي للمرء أي الأوقات خير من الأخرى وقال بعضهم إن ذلك لا يتأتى إلا بالفطنة واليقظة لما مضى ولما يجد من الأمور. فيتعرف على خيرها وأبلغها أهمية فيبتدره في حينه. وقال فريق منهم إنه مهما توخي الملك الدقة والدقة والبراعة في معرفة أجل الأوقات، فلن يبلغ مبتغاه. فمن أشق الأمور وأعضلها على الرجل الواحد أن يقرر الخير فيما يتراءى له من الأوقات. . . وعليه أن يعقد مجلساً من أصحاب الحكمة في دولته فيلقى منهم عوناً صادقاً على تحديد الوقت اللائق الموفق.
واختلفت آراؤهم على السؤال الثاني. فأجابه البعض بأن أجدر الناس بالرفقة والإصغاء هم أهل الشورى والحكمة، وقال آخرون بأنهم رجال دين والأطباء. . . بينما رجع البعض أن