وقد أدخل العرب إلى أوربا أنواعاً كثيرة من الحبوب كالحنطة، والقنب، والتوت، والأرز، والزعفران، والنخيل، والليمون والبرتقال، والبن، والقطن، وقصب السكر، وما زال هواؤهم الفاسد زفير آلاتهم ومخترعاتهم التي كبلت الأيدي، وشلت حركة الأعمال، يعبق بشذا الأزهار الجميلة التي أخذوها عن الشرق.
وقد تعلم الغربيون منا صناعة تزيين الأقمشة الدمشقية، وصناعة السختيان، وأقمشة الحرير المزركشة بالفضة والذهب، والشاس الموصلي والمخمل، وعمل الحلويات والمشروبات وصناعة الجوخ، وعمل الجليد.
كلمة غوستاف لوبون:
أما وقد أظهرنا مواطن القوة في الحضارة العربية فيحسن بنا أن نقدم للقارئ: رأي لوبون في العوامل الرئيسية التي أدت بالغربيين للنيل من العرب ومن حضارتهم. فقد سأل لوبون نفسه هذا السؤال: لماذا غمط اليوم حق العرب وتأثيرهم؛ وأنكر حسناتهم علماء عرفوا باستقلال أفكارهم، وبعدهم عن مظنة الشك. . .
ثم تقدم للإجابة وقال: (. . . أرى أنه لا جواب على هذا السؤال غير ما أنا كاتب، ذلك أن استقلال آرائنا هو في الواقع صوري أكثر مما هو حقيقي، ونحن لسنا أجرأ على ما نريد في خوض بعض الموضوعات، وهذا لأن فينا أحد رجلين الرجل الحديث الذي صاغته دروس التهذيب، وعمل المحيط الأدبي والمعنوي في تنشئته. والرجل القديم المجبول على الزمن بخميرة الأجداد وبروح لا يعرف قراره، يتألف من ماض طويل، وهذا الروح اللاشعوري هو وحده الذي ينطق في معظم الرجال، ويبدو في أنفسهم بمظاهر مختلفة، يؤيد فيهم المعتقدات التي اعتقدوها، ويملي عليهم آراءهم، وتظهر هذه الآراء بالغة حداً عظيماً من الحرية في الظاهر فتحترم، وقال: (. . . وقد تراكمت الأوهام الموروثة المتسلطة