من الوسائل الهامة في أيام الحروب فن كتابة الرسائل السرية. وقد ألف مستر فليشر برات كتاباً جديداً بين فيه أصول هذا الفن منذ نشأ إلى أن ترقى وعم استعماله بين سائر الأمم.
وقول مستر برات في كتابه سالف الذكر:(إن سائر اللغات المكتوبة (شفر) وليس لرموزها معنى في ذاتها، إلا أنها تكون ذات معنى حينما تترجم بطريقة يعرف سرها الكاتب والقارئ؛ وإذا كان هذا قد غاب عن أذهان الناس، فذلك لأننا نتعلم القراءة ونحن على أبواب الحياة)
ولكي نفهم ذلك تمام الفهم، يجب أن نرجع بأذهاننا إلى العصور الوسطى، فقد كان اللذين يعرفون القراءة ندرة في تلك العصور؛ فإذا تسلم أحدهم رسالة، ذهب بها إلى شخص يعرف القراءة ليحل رموزها، كما نفعل حينما ترد علينا رسالة مكتوبة بالشفرة في هذه الأيام.
وكن طبيعياً بعد انتشار القراءة أن تظهر الحاجة إلى لغة الشفرة. أما لغة الأسرار الحربية في العصر الحديث فقد ظهرت الحاجة إليها متأخرة، ولم يصل فن الكتابة السرية إلى الدرجة القصوى من الأهمية إلا بعد نشوب الحرب العظمى. حتى أن كبار الضباط البريطانيين في حرب البوير كانوا يجدون سهولة في تبادل الرسائل باللغة اللاتينية التي تعد شفراً بالنسبة للبوير
وانتهى دور اللغة اللاتينية وبدأت محاولات كثيرة لوضع لغة سرية للميدان منذ سنة ١٩٠٠ إلى سنة ١٩١٤ يراعى فيها البساطة وسرعة التلقين، وقد قامت كل من إنجلترا وفرنسا وألمانيا بدورها في هذا الشأن
فلما أعلنت الحرب العظمى في ذلك اليوم من شهر أغسطس أذاعت ألمانيا في جميع أنحائها كلمة (ولد اليوم مولود) وكانت هذه الجملة هي الرمز الذي وضعته لكلمة الحرب، ومنذ ذلك اليوم والنصر والهزيمة معلقان بصدى كلمة تسمع من وراء الحجرات لمعرفة شيء من تلك الرموز