مشاكل العالم الجديد - التوازن بين الكتل الثلاث الكبرى التي تسيطر على العالم - نظرة شرقية. . .
كان النظام السائد في عالم الاقتصاد في المائة سنة الماضية التي أشرنا إليها في مقالنا السابق، هو نظام الباب المفتوح، وهو يتلخص في حرية التجارة والتكافؤ في المعاملة. فالبوارج الحربية التي فتحت موانئ الصين واليابان من مختلف الجنسيات، كانت تفرض نظام الباب المفتوح، واعتراف الدول بحماية فرنسا على مراكش المستقلة، كان يتضمن بقاء سياسة الباب المفتوح - وفي مصر كان تساهل الدبلوماسية الأوربية لبقاء الاحتلال البريطاني يلازمه اشتراط العمل بسياسة الباب المفتوح، ويأخذ الضمانات على الإنجليز (ألا يكون لهم مركز ممتاز)، أو أكثر رعاية من غيرهم. ولذلك بقيت حرية الحكومة المصرية في زيادة الضرائب الجمركية مقيدة كما كانت طول عهد الدولة العثمانية برغم وجود العامل الجديد، وهو الاحتلال البريطاني
وقد بقيت سياسة الباب المفتوح معمولا بها طوال القرن الماضي، لو كانت إحدى دعامات القوة البريطانية، ولكن حينما تقدمت الدول الأوربية في طرق استغلال أراضيها بالمستعمرات، تطورت علاقاتها مع ممتلكاتها إلى إيجاد نوع من الوحدة الاقتصادية بين الدولة الأوربية وما تملكه في القارات الأخرى. وأخذت كل وحدة تسير نحو الاستكفاء بما لديها - فالميزان التجاري الذي كان يعتمد على حرية التجارة، خضع لمقدرة كل دولة واستعدادها لتصريف الفائض من منتجاتها في المستعمرات التي تملكها - كما أن المواد الأولية التي كانت تحت تصرف الدول الأخرى، أخذت تنحصر رويداً رويداً بيد رجال الدولة الحاكمة، وتصبح مع مرور الزمن محتكرة وفوق متناول يد الدول الأخرى.
ولما كان كوكبنا الأرضي محدود المساحة، ولم تبق بقية من أنحاء العالم خالية، لا يرفرف عليها علم أحمر أو أزرق أو أخضر، ولم يبق شعب من الشعوب إلا وخضع لحكم الأوروبيين، كان من الطبيعي أن تتلاقى القوى على حدود مناطق لا تتعداها، وإلا تصادمت مع قوة لا تقل شأنا عنها.