(لا تكاد خطبة من خطب تشرشل تخلو من ذكر (معركة الأطلنطي)، على صفحات هذا المحيط تقوم معركة من أشد المعارك وأعنفها، فهي المعركة التي ستكتب السطر الأخير من سطور الحرب. وفي هذه المعركة يتعاون السلاح الجوي الألماني مع سلاح الغواصات، فتضرب الطائرات الألمانية الموانئ والمدن الإنجليزية لتنهك قوى بريطانيا في الداخل، وتفتك الغواصات بالقوافل التجارية في عرض المحيط. وإذا كان يجري في هذا المحيط شريان الإمبراطورية البريطانية الحيوي، فلا عجب إذا رأينا ألمانيا تبذل قصارى جهدها لتقطع هذا الشريان لتمنع عن بريطانيا ما يأتيها من معونة ومدد، بينما تعمل بريطانيا على أن تبقى على هذا الشريان إذ في بقائه بقاؤها)
المصانع الأمريكية تعمل فتنتج المؤن والعتاد الحربي؛ واتفاقية الإعارة والتأجير تبيح إصدار هذه المؤن وهذا العتاد إلى بريطانيا. وفي الجزر البريطانية يرابط المدافعون عن الديمقراطية، ويفصل المحيط الأطلنطي بين هذا المدد الأمريكي وبين المدافعين عن هذه الجزر. وفي هذا المحيط ترتع الغواصات الألمانية متعاونة مع الطائرات في معركة لا تعرف هوادة ولا رحمة ضد السفن الإنجليزية. ويرمي هتلر من وراء هذه إلى غرضين:
أولهما إضعاف إنجلترا بتدمير موارد ثروتها الداخلية وأحواض سفنها وموانيها، وشل حركة إنتاج السفن والذخائر الحربية.
وثانيهما منع المدد الذي يصل إلى بريطانيا من الخارج بإغراق سفنها في المحيط، وعزلها عن أمريكا. وعندئذ يسهل عليه مهاجمة بريطانيا
تبلغ هذه المعركة شدتها في فصل الربيع. ففي هذا الفصل تتقشع السحب التي كانت تخيم على آفاق المحيط فتجعل عمل الغواصات والطائرات عسيراً، وتبدأ الغواصات الألمانية تجوب المحيط باحثة عن السفن البريطانية، وتنطلق الطائرات الألمانية في الجو لتساعد الغواصات في المهمة الملقاة على عاتقها. وقد كان المتحمسون للطيران في ألمانيا يعقدون آمالاً كباراً على السلاح الجوي ضد الملاحة البريطانية، فكانوا يعتقدون أن قاذفة القنابل قادرة على أن ترسل أية سفينة حربية إلى أعماق المحيط، ولكن التجارب برهنت على أن