للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[رسالة الفن]

ليوناردو دافينشي

الرجل الكامل

للدكتور احمد موسى

- ٢ -

أما المرحلة الثانية من حياته فقد بدأت عندما استدعاه الدوق لودوفيتشو سفورزا للتوجه سنة ١٤٨٣ إلى ميلانو. وهناك استمتع بأجمل أيام حياته، لأن الدوق نظر إليه نظرة الرجل المؤثر الذي يقدر الفن ويجله، نظرة الرجل الذي يعلم بأنه لا معنى للحياة بدون الفن، فإذا كان الدوق غنياً ومقدراً للفن، فهذا معناه أن ليوناردو قد وفق إلى وجود الشخصية التي تعمل على تشجيعه ومعرفة قدره، فعمل بكل قواه على إظهار مواهبه، فكان معمارياً ومهندساً وعالماً ومشجعاً للأكاديمية كما كان نحاتاً ومصوراً.

وله في هذه المرحلة لوحات رائعة منها صورة الدوق وصورة لعائلته، ولوحات لبعض رؤوس غاية في القوة والجمال.

وأهم أعماله في هذه المرحلة، بل وفي حياته كلها صورته المعروفة (العشاء الأخير) والمحفوظة بدير القديسة ماريا في ميلانو. صورها في سنتين، وهي للأسف في حالة غير مرضية الآن، ولكن لحسن الحظ أن منها جملة لوحات مقلدة متقنة ومعاصرة لها. وهذه اللوحة تمثل المسيح، وقد توسط تلامذته الإثنى عشر مجتمعين حول مائدة بعضهم جالس والبعض الأخر واقف، وأمامهم الخبز والأطباق وأكواب الشراب. قال المسيح لتلامذته: (إن أحدكم سيسلمني) فما كان من تلاميذه إلا أن أتجه بعضهم إليه وبعضهم إلى بعض متسائلين مستفسرين، متألمين خائفين، تمثل الوجد على وجه كل منهم، فبعضهم أشار بأصبعه، والبعض أشار بيديه.

أنظر إلى ش - ٢ - وتأمل القوة الإنشائية والإخراج العظيم ترى الوجوه الثلاثة عشرة مختلفة الوضع والتفاصيل والتكوين الكلي، والحركة البادية والمعنى الذي يعبر عنه كل منهم في منتهى الرقة والحسن.

<<  <  ج:
ص:  >  >>