هذا العنوان الذي عنون به الأستاذ الدكتور طه حسين الكتاب الذي نشره قبل بضعة أشهر في مجلدين. . . ذكّرني بعنوان (المطارحات) التي نشرها (المعهد الأممي للتعاون الفكري) التابع لعصبة الأمم بعد الاجتماع الذي عقده في مدريد سنة ١٩٣٣: مستقبل الثقافة.
وعندما أسجل هذه المشابهة في مستهل مقالي هذا، أرى من الواجب عليّ أن أصرح - في الوقت نفسه - بأن المشابهة بين الكتابين لا تتعدى حدود العنوان. فإذا كان من البديهي أن المؤلف الفاضل اقتبس عنوان كتابه من المطارحات المذكورة، فمن الواضح أيضاً أنه لم يستلهم شيئاً من موضوعاتها أو من مناحي التفكير المنجلية فيها. . .
وأما كيفية تأليف الكتاب، فالمؤلف يشرحها لنا بكل وضوح، في المقدمة القصيرة التي صدّره بها:
إن (فوز مصر بجزء عظيم من أملها في تحقيق استقلالها الخارجي وسيادتها الداخلية) حمل (المفكرين المصريين) على أن يشعروا بأن (مصر تبدأ عهداً جديداً من حياتها). . . (إن كسبت فيه بعض الحقوق، فإن عليها أن تنهض فيه بواجبات خطيرة وتبعات ثقال). إن هذا الشعور شمل الشباب، ودفع فريقاً منهم إلى (أن يسألوا المفكرين وقادة الرأي عما يرون في واجب مصر بعد إمضاء المعاهدة مع الإنجليز. . .) وهذا قد جعل كل واحد من المفكرين المسؤولين (يتحدث إليهم في ذلك حديثاً سريعاً مرتجلاً، بقدر ما كان يسمح له وقته وعمله وتفكيره السريع في حياة سريعة) تمر بهم أو يمرون بها (مرَّ البرق). . . فقد تحدث الدكتور طه حسين نفسه إلى هؤلاء الشبان فيمن تحدث؛ غير أنه لم يقتنع بكفاية ما تحدث إليهم به، ولم ير أنه (قد دلهم على ما كان يجب أن يدلهم عليه، وهداهم إلى ما كان يجب أن يهديهم إليه). واستقر في نفسه أن واجب المصريين (في ذات الثقافة والتعليم بعد