كتبت في العدد الأسبق من الرسالة ردا على الأستاذ أحمد محمد بريري في تخطئته - بصحيفة الأساس - الدكتور طه حسين في قوله بأحد مؤلفاته (يريدون أن يضحكوا من الصحف ورؤساء التحرير فيدخلون عليها فصولا نشرت على أنها لم تنشر) إذ رأى الأستاذ أن الصواب (فيدخلوا) لا (فيدخلون) متوهما أن الفعل منصوب بعد فاء السببية. . وقلت ما مجمله أن الفعل مرفوع لا منصوب.
وقد تناول الأستاذ بريري هذا الرد، برد عليه في (الأساس)(٢١ - ١١ - ١٩٥١) قال بعد أن أورد ما كتبته:
(ولقد علمني (شيخي) أن مسوغات النصب بعد فاء السببية هي: الأمر، والنهي، والدعاء بفعل أصيل، والاستفهام، والنفي، والعرض، والتحفيض، والتمني، والرجاء على خلاف، وغير عند الكوفيين، والتشبيه الواقع موقع النفي.
فما غاب عن شيخي أن النصب بأن مضمرة بعد فاء السببية لابد له من مسوغ، وإنما غاب عن الأستاذ عباس خضر كثير من المسوغات. . فإن تعبيره غير جامع ولا مانع، لأن النفي والطلب - إذا روعيت الدقة - بعض من كل، في حين أن من يقرأ كلام الأستاذ يفهم أنهما كل شيء في هذا الباب، كما يفهم أن ثمة تضادا بين فاء العطف وبين فاء السببية. . فالفاء عنده إما أن تكون عاطفة، وإما أن تكون سببية. . والواقع أنه لا تضاد، وأن فاء السببية عاطفة في أكثر الصور، قاطعة في بعضها. . وأن بعض النحاة ليعيدها عاطفة دائما حتى إذا انتفت المشاكلة بين الجملتين. . ومع هذا لنعد عن هذا الأمر، فنحن متفقون على أنها في قول الدكتور طه حسين (يريدون أن يضحكوا من الصحف ورؤساء التحرير فيدخلون عليها فصولا على أنها لم تنشر. . الخ) عاطفة. . وإنما وجه الخلاف في المعطوف عليه. . فالأستاذ عباس خضر يرى أنه (يريدون) وبهذا يسلم قول الدكتور طه حسين من اللحن. . أو يصبح، على حد عبارة الأستاذ خضر، لحنا فصيحا. بينما يراه شيخي لحنا قبيحا، لأن الفاء عاطفة على (يضحكوا) لا على (يريدون) وأن الأستاذ عباس