للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[٤ - أمم حائرة]

الهداية والرقابة

لصاحب العزة الدكتور عبد الوهاب عزام بك

وزير مصر المفوض بالمملكة السعودية

إن قامت الجماعة على غير طريقة، وعملت على غير خطة، فكيف تستقيم على محجة، وكيف تقصد إلى غاية؟ وإذا انبهمت الغاية، واشتبهت السبل، ساغ لكل جاهل أن يدل على الطريق، واستطاع كل ناعق أن يقول: (هذا هو النهج) وليس بعد هذا إلا الضلال والحيرة.

لابد من عقل رقيب، وفكر ناقد ورأي سديد. ولابد أن يكون للعقل والفكر والرأي طريقة تؤدي إلى الناس نصيحتها، ونظام يعرف الناس بدعوتها، وقانون ينفذها فلا تضيع الآراء السديدة في ضوضاء المضلين، وصيحات المبطلين. ولابد من رقابة الجماعة ومن سلطانها متمثلين في نظام الحكومات وفي الطوائف التي تقر لها الجماعة بالهداية والرقابة والتقويم.

إني لأرى أموراُ تحدث في نظام الأسر وسنن الجماعة، لا يعرف كيف نشأت؛ وهي لا تجد من أولى الشأن رعاية إن كانت صالحة، ولا حرباُ إن كانت فاسدة. وأرى كثير من العادات تشيع على كره عقلاء الأمة والمصلحين فيها. فأسأل نفسي وأسأل أصحابي: لمن قيادة الجماعة؟ وبأي يد أزمتها؟ فأرى أحياناً مبتدعي هذه العادات الكريهة، ودعاة هذه العادات السيئة، من أصحاب الهوى المولعين بالتقليد، أو طائفة من التجار الساعين وراء الكسب بأية وسيلة، ومن أصحاب الملاهي أو وأشباه هؤلاء. فهؤلاء يقضون في أمور تحسب هينة، وهي في سير الجماعة ذات عواقب وخيمة؛ يراها المفكرون المبصرون وتكل عنها أبصار من لا يتجاوزون الظاهر، ولا يدركون ما بعد اليوم. هؤلاء ومن ورائهم الدهماء، يسيرون الجماعة أحيانا بأهوائهم ومآربهم، ويدعو الخيار فلا يستجاب لهم، ويقول المصلحون فيسخر منهم، ويغضي أولو الأمر تهاونا واحتقاراً، عن أمور يرونها صغيرة وما هي بصغيرة.

قد شمل القانون والنظام كل الجوانب في الجماعات الحاضرة قانون الحكومة وقانون الهيئات التي تقرها الحكومة على اختلاف النظم والأسماء.

<<  <  ج:
ص:  >  >>