تعليم اللغة الأجنبية في مدارسنا الابتدائية مشكلة من مشاكل التربية والتعليم التي برزت اليوم أمام وزارة المعارف فألفت لدراستها لجنة برياسة حضرة صاحب العزة الوكيل الساعد. وقد رفعت هذه اللجنة تقريرها عنها في الشهر الماضي، ولازال هذا التقرير بين يدي معالي الوزير لبحثه ودراسته قبل البت في أمره. وبالرغم من أن هذا الموضوع كان من بين المشاكل الكثيرة التي عالجتها في مؤلفي الجديد (التعليم والمتعطلون في مصر) فقد رأيت أن أفرد له بحثاً خاصاً يذاع على صفحات الرسالة الغراء لأنه أصبح مشكلة الساعة؛ ولا يصح أن يقطع فيه برأي إلا بعد درسه دراسة مستفيضة، فجدير بكل ذي رأي أن يدلي فيه برأيه، وجدير برجال التعليم جميعاً أن يبحثوه وحداناً وأن يمحصوه زرافات وجماعات حتى يتبن أولو الأمر أوجه الخير والشر فيه، ويتعرفوا أوجه المصلحة العامة في جميع نواحيه.
ولا يسعنا أن ندلل على أهميته وأهمية غيره من مشاكل التربية والتعليم عندنا إلا بتلك الكلمة الخالدة التي قالها المغفور له جلالة الملك فؤاد الأول طيب الله ثراه، إذ قال:(إن أم المسائل في مصر مسألة التربية والتعليم. فلو أن كل مصري وضع في تشييدها لبنة لأقمنا للوطن صرحاً يبقى ما بقي الزمان). ولا غرو في ذلك لأن مسائل التربية ولتعليم لا تتعلق بأفراد أو بطوائف معينة فحسب، ولكنها تتعلق بكل منزل وكل أسرة وتتعلق بأبناء هذا الوطن جميعه بنين وبنات، فتيان وفتيات؛ ففيها جماع مشاكل الأمة أو هي تشمل مسائل الأمة جمعاء
ولقد أصبح لزاماً علينا بعد أن أخذنا الأمر كله بيدنا ألا نتعصب لأنفسنا ولا أن نتحزب لقديمنا بل يجب علينا أن نفتح عيوننا لكل ما يجري عندنا وعند غيرنا وأن نتعرف سريعاً شذوذنا وأخطاءنا وأن نعمل بحزم وهمة ونشاط على التخلص مما تتعثر فيه معاهدنا من شذوذ وأخطاء. لعلها هي السبب الأساسي في تعثر شبابنا وتنكبهم الطريق السوي وانحطاط مستواهم الخلقي والعلمي عن مستوى غيرهم ممن يتعلمون بين ظهارانينا تعليماً أجنبياً