نُجح وإخفاق
للأستاذ فخري أبو السعود
نَلْ ما تُريدُ من الأيام مقتدرا ... وطُفْ بموكبها العَجَّاج منتصرا
وسِرْ حياتَكَ مِن نَصرٍ إلى ظفرٍ ... وقَضِّ في غَزْوِ غاياتِ العُلى العُمُرا
وازدَدْ بنفسك إيمانا إِذا وَطَرٌ ... شآك لا تَلحَ إنسانا ولا قَدَرا
واعلمْ بأنك تَرْقي اللجَّ معتليا ... إِذا هوَى بك بعضُ اللّجّ منحدرا
كُنْ - إذْ علمتَ طباعَ الهر كيف جَرَتْ ... وقد علمتَ طباع الخَلْقِ - مُعْتَبِرا
كم لُمْتُ نفسي على ما فاتَ من أَرَبٍ ... ولم أَلُمْ قَدَراً يوما ولا بَشَرا
لو كنتُ أبصر بالمسعى خَلصتُ إلى ... مُنايَ ما أُبْتُ مِن مَسعَاي مُنكسرا
الدهرُ نِعمَ المُرَبِّي بَثَّ حكمتَهُ ... في كُلِّ ما نَاب من أحداثِهِ وعرا
أكلما لقَّن الإِنسانَ تجربةً ... أنحى عليه بِذَمٍ؟ لو دَرَى شَكرا
ما لائم الدهر إلا كالصبي إذا ... مَشى إليه المُربي بالعصا جَأَرا
من علَّمته رزايا الدهر موعظةً ... فانه قد جَنى أَضعافَ ما خَسِرا
إِني - وقد صنتُ نفسي أَن يؤدِّبَها ... سوايَ يُلقى إليها الواعظَ والنُّذُرا -
أُمسي عليها رقيباً ساهراً يقظاً ... عمري وأَضحيِ حسيباً مغلظا عسرا
النُّجح يعرفني إن نلت غايته ... لم أُلْف لا قانعا جهلاً ولا أَشِرا
والرُّزءُ يعهدني: إن جل موقعُه ... أَلوذُ بالعزم والإيمان مصطبرا
صحبتُ دهري وصاحبتُ الأنام على ... عِلاَّتِهمْ ولكم أُغضى مَنِ اختبرا
كم أَوْلَعتْ بِيَ شرّيرا طَوِيَّتُهُ ... وحدثته بفعل السوءِ فابتدَرا
كان المُسيء فلم أَحفل إساَءته ... وقد غفرتُ ولم يحلَم ولا غفرا
مَن ليس تقصر دون الأُفق هِمَّته ... ولا يُطارح إلا الأنجُمَ السَّمَرا
فكم يبيتُ عن الأضغانِ في شغل ... وكم يمر بأهل الضغن محتقرا
فخري أبو السعود