فِرَقاً شعرتُ بأنها لا تقتني ... أدباً وأن شرارها شعراؤها
وقال الفارابي: إن أكثر شعر العرب في النهيم والكريه، وذاك أن النوع الذي يسمونه النسيب إنما هو حث على الفسوق ولذلك ينبغي أن يتجنبه الولدان، ويؤدبوا من أشعارهم بما يحث فيه على الشجاعة والكرم، فأنه ليس تحث العرب في أشعارها على شيء من الفضائل سوى هاتين الفضيلتين، وإنما تتكلم فيهما على طريق الفخر، لأن أكثر شعرهم من شعر المطابقة الذي يصفون به الجمادات كثيراً والحيوان والنبات. وأما اليونانيون فلم يكونوا يقولون أكثر ذلك شعراً إلا وهو موجه نحو الفضيلة والكف عن الرذيلة، وما يفيد أدباً من الآداب، أو معرفة من المعارف
وقال محمود سامي البارودي:
الشعر زَيْنُ المرء ما لم يكن ... وسيلة للمدح والذَّامِ
قد طالما عَزَّ به معشرٌ ... وَرُبَّما أزْرَى بأقوام
فاجعله فيما شئت من حكمة ... أو عظة أو حسب نام
وَاهْتِفْ به من قبل تسريحه ... فالسهم منسوب إلى الرامي
ولا شك أن من ينظر في هذه الأقوال والأشعار لهؤلاء الحكماء والشعراء يجدها تتفق تمام الاتفاق مع ذلك القياس الذي وضعناه للشعر ليصلح به أمره، ويحسن في الناس أثره