للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[مجد المرأة وكرامتها في كنف الإسلام]

لِلأستاذ محمد عبد الرحمن الجديلي

مدير المساجد

أقام المشرع الإسلامي قواعد للمجتمع، على أسس اجتماعية أصلها ثابت وفرعها في السماء. ونظر إلى الدعامة الأولى لبناء الأفراد وهي المرأة، فجعلها قسيمة الرجل في الحياة، أمّاً أو زوجة، ثم أوضح لها شرعتها حكيمة مسدّدة تمهد لها كل ما هو ميسر لها، متسق مع طبيعتها. وطبيعة المرأة: وجدان متأثر، وعاطفة مشبوبة، وجانب لين، وأجزاء دقيقة، وهيكل متأنق، ورونق متألق، ولطف ساحر في التأسية، وفيض ضاف من الحنان

ولقد تنطق المرأة بكلمة تواسي بها الرجل إذا تفزع فؤاده من الهول، فتفعل الكلمة في قلبه، وتؤثر وتجدي ما لا يؤثره أو يجديه بلاغة الأساة من الرجال. ولعلك على ذُكر من كلمة خديجة أم المؤمنين يوم جاءها زوجها محمد صلى الله عليه وسلم وفؤاده يرجف من لقاء الملك، ومن تلقي الوحي، وهو أمين الله ومختاره جلادة وقوة وصبراً واحتمالاً، فلم يكن منفرجُ الروع، ولا ذهاب الخوف إلا ساعة قالت خديجة كلمتها، كلمة المواساة والترفق والأمل: (كلا والله لا يخزيك الله أبداً. إنك لتحمل الكل، وتكسب المعدم، وتعين على نوائب الدهر)

أعلى الإسلام من قدرة المرأة ما وسع العلاء طبيعتها، وعظم من شأنها ما شاءت الخليقة أن تعظم، ثم وفر لها من الحرية ما يناسبها ويُهَيِّئ له من ميدانها سبيل النفع والخير؛ فلم يُردْها قعيدة بيت بل سيدة بيت؛ ولم يجعلها مسلوبة الإرادة، بل شاءها طليقة في مملكتها الصغيرة الكبيرة، ورجا لها الصيانة في قدس الخِدْرِ

خطب صلى الله عليه وسلم بنت عمه أبي طالب واسمها أم هانئ، وكانت قد تزوجت ونسلت ومات عنها زوجها. فما الذي ألهمها الإسلام أن تقول أن تقوله في جواب هذا العرض المحمدي الشريف؟ لقد قالت تخاطب صاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله، لأنت أحب إلي من سمعي ومن بصري؛ وإني امرأة مؤتمة (مات عني زوجي) وَبنِيَّ صغار، وحق الزوج عظيم، فأخشى إن أقبلت على زوجي أن أضيع بعض شأني وولدي؛ وإن أقبلت على ولدي أن أضيع حق زوجي)

<<  <  ج:
ص:  >  >>