[اللقاء الأول]
للأستاذ أحمد مخيمر
ولما تلاقينا لأولِ مرة ... ورف فمي الصادي على فمك العذبِ
وجدت لينبوع الحياة تدفقاً ... بنفسي، وموسيقى تغلغل في قلبي
وأحسست أني من جديد على الذّرا ... أُطلُّ إلى الأجيالِ، والزمن الرحبِ
هنالك جيث النورُ طلقٌ مجدَّد ... سمعتُ أغاريد السمواتِ والغيبِ
يغنى بها سرْبٌ من الحور هائم ... فناهيكِ من شدوٍ وناهيكِ من سرب
وأبصرتُ أمسي في الحياة، وحاضري ... وبانَ غدي المرجوُّ من خلل الحجْب
وحينَ رنتْ عيناكِ، والحلمُ فيهما ... وظِلُّ الكرى مُلقى على طرف الهدب
ذهبتِ بأحلامي إلى مَشَرع المنى ... وَرُحتِ بأشواقي إلى منهل الحبِّ
وأَدنيتِني للخلدِ حيناً، فلم تزلْ ... تطالعهُ عيناً فؤادي على قُربِ
ولما وقفنا للوَدَاع، وأوشكتْ ... تفيضُ بناتُ العين غرباً إلى غربِ
وهبَّتْ نُسيماتُ الأصيلِ رقيقةً ... أرقَّ من النجوى وأحلى من العتْبِ
يَهجنَ دواعي الشوق بين جوانحي ... فيلمعنَ في أغوارها لُمعةَ الشُّهبِ
أهبتُ بقلبي: قد خُدعتَ بما ترى ... من الثمر المنضودِ والغُصُن الرَّطْب
أغرَّك أن الوِرْدَ دَانِ، وأَنها ... قريبٌ، وأنَّ النور في وجهها يَسْبي!
لعلك لو فتشت عنها وجدتها ... أحابيلَ للدنيا تظلُّ بها تُصْبى
غداة غدٍ أَخشى إذا ما تكشَّفتْ ... تُقلِّبُكَ الآلامُ جنباً إلى جَنْبِ
فقال فُؤادي: كلُّ حبّ لقيتُه ... فَزادٌ يعينُ السالكين على الدَّرْبِ
إذا ما بدَا الحبُّ الكبيرُ لناظري ... نفضتُ يدي مما عرفت من الحبِّ
وهَبنْي سَمعتُ اليوم صوتاً أجبتُه ... فما لَكَ من عَتْبٍ، وما لي ذَنبِ