للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[على هامش النقد]

الأدب (المهموس) والأدب الصادق

للأستاذ سيد قطب

أرجو أن تكون هذه الكلمة هي الكلمة الأخيرة عن (الأدب المهموس). وبرنامجها يتناول ثلاثة أغراض:

فأما الغرض الأول: فهو أن الأدب المصري لم يخل من صور ذلك اللون المحبب إلى الأستاذ (مندور)، وهي صور منوعة وأكثر سلامة من النماذج التي استهوته هناك. ولكن عجلته فيما يصدر من الأحكام، وعدم انفساح الوقت أمامه ليدرس قبل أن يحكم، وتشيعه الواضح المفهوم لشعراء المهجر. . . هذه الأسباب جميعها جعلته ينادي بأن الشعر المصري متخلف قروناً عن الشعر المهجر، وأنه شعر خطابي لا يستهويه

وأما الغرض الثاني: فهو أن هذا اللون من الأدب، ليس هو اللون الوحيد الذي يستحق الإعجاب، وقد لا يكون أفضل الألوان؛ فالتشيع له إلى أقصى الحدود، وإنكار ما عداه من ألوان الأدب الأخرى، مسألة (مزاج) خاص، له دوافعه الخاصة، وليس حكماً أدبياً يرتكن إليه النقد الفني

وأما الغرض الثالث: فهو الحديث عن (النماذج البشرية) الحبيبة إلى الأستاذ مندور وعلاقتها في (مزاجه) بحكاية (الأدب المهموس) من بعض النواحي. وهو ما أرجو أن ينفسح له المجال في هذا المقال

ليس من الضروري أن يستتبع الهمسُ الأسى، وليس من الضروري أن يكون الأسى متهالكاً ليكون حبيباً إلى النفوس. ولكننا - مع هذا - نعرض للأستاذ مندور صورة من صور الشعر الهامس فيها الأسى وإن لم يكن فيها التهالك، لشاعر مصري كبير تحت عنوان (السلو)

أذن الشفاء. فما له لم يحمد؟ ... ودنا الرجاء وما الرجاء بمسعدي

أعدوت أم شارفت غاية مقصدي؟

برد الغليل اليوم وانطفأ الجوى ... وسلا الفؤاد فلا لقاء ولا نوى

وتبدد الشملان أي تبدد

<<  <  ج:
ص:  >  >>