عصارة المتاعب - الإنتاج والاستهلاك في الحياة الأدبية - عتاب!
عصارة المتاعب
من عصارة المتاعب يصاغ إكليل المجد، ومن عصارة المتاعب يرفع ناس من التراب إلى السحاب
كذلك قلت وأنا أدفع وهماً رسخ رسوخ الحقائق، بحيث صار الأمل في زعزعته من أخيب الآمال، وهو الوهم الذي يزعم أن الحياة السعيدة هي خالية من التكاليف، وهذا الوهم يحيط بنا من كل جانب، ويملا حياتنا بالمنغصات، لأنه يفرض علينا أن نفهم أن الراحة هي الغرض المنشود، وأن كلمة التعب تماثل كلمة الشقاء في المدلول
ما هو الفرق بين الرئيس والمرءوس في وهم بعض الناس؟
الفرق هو أن الرئيس يملك من الراحة ما لا يملك المرءوس، فهو لا يسأل عن رعاية المواعيد، ولا يطالب بالسرعة في إنجاز ما لديه من الأعمال (؟!)
وفي الأمثال المصرية كلمات تؤيد هذا المعنى، فالرجل السعيد هو الذي لا يستطيع أحد أن يقول له:(قم من الشمس واقعد في الظل)، وهو الذي لا يسأل عن (ثلث الثلاثة)، كأن المسئولية تكليف يكدر صفو الهناء
ولنفرض أن الراحة هي الغاية، وأن كل رئيس يتمتع بها إلى أقصى حدود التمتع، فما السبب في أن تكون هذه المزية من حق بعض الناس لا كل الناس؟ وما هو السبب في أن يقضي فلان عمره وهو مرءوس وقد أصبح نظراؤه من الرؤساء؟
الجواب حاضر: فكل تقدم يسبق بتزكية من عصارة المتاعب، ومن لم يقدمه جهاده فلن يتقدم، ولو كان أبوه أقدر الرجال على إحياء الأرض الموات!
هل كانت الراحة من أنصبة الملوك، مع أنهم ملوك
وهل ظفر عظيم بالراحة في أي يوم؟
إن الراحة متعة حقيرة لا يرغب فيها غير الحقراء
لقد امتلأت كتب الأدب بأخبار الملاهي التي كانت تقام في قصور الملوك. فهل فكر أحد في