للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مسئولية]

الاحتلال الإنجليزي لمصر

في مثل هذا الشهر من عام سنة١٨٨٢ تم الاحتلال الإنجليزي لمصر. ذلك الاحتلال الذي لم تستغرق حوادثه - منذ ضرب الإسكندرية في الحادي عشر من شهر يوليه الى استسلام عرابيبالقاهرة في الرابع عشر من شهر سبتمبر - سوى شهرين اثنين. ولموقعة التل الكبير أهميتها الخاصة بعد تحصينات كفر الدوار في حوادث ذلك الاحتلال مع إنها لم تدم سوى عشرين دقيقة فر بعدها عرابي إلى القاهرة ليستسلم في اليوم التالي.

ولقد دعت السهولة التي تم بها الاحتلال الإنجليزي لمصر إلى الاختلاف حول تحديد المسؤولية في ذلك الاحتلال. أتقع المسؤولية على عاتق عرابي أم على عاتق الدولة العثمانية أم على الإنجليز وجشعهم الاستعماري؟

وهكذا تأرجحت آراء الكتاب حول هذا الموضوع بين هذا الرأي أو ذاك.

عرابي هو المسؤول الأول والأخير. لقد اعتنق بعض الكتاب هذا الرأي وأيدوه بحجج قوية.

ألم يدفع بسلوكه الخديوي إلى الارتماء في أحضان الإنجليز؟ ألم يهمل الدفاع عن حدود مصر الشرقية؟ أما كان من الحكمة أن يلجأ إلى سد القناة فيؤخر الزحف الإنجليزي على الأقل إن لم يعقه؟ يقول له دلسبس في تلغرافه: (إن الإنجليز يستحيل أن يدخلوا القناة، فينخدع بهذا التلغراف وبالتلغراف الذي يليه: (لا تعمل عملاً ما لسد قناتي، فأني هنا ولا تخش شيئاً من هذه الناحية، إذ لا ينزل جندي إنجليزي واحد إلا ويصحبه جندي فرنسي، وأنا المسئول عن كل ذلك).

أي قائد هذا الذي يصدق مثل هذا التصريح الأجوف فيركن أليه في تحصين بلاده؟ ألم يقل فيه صديقه جون نينيه (إن بساطة عرابي جعلته يرتكب أغلاطا كبيرة ظهرت عواقبها بعد، فمقدار ما بذل من الهمة في الدَّفاع عن الإسكندرية وتحصين خطوط الدفاع في كفر الدوار بحيث امتنعت على الإنجليز، قد أظهر منذ ابتداء القتال غفلة بالغة إذ استمع إلى النصائح الكاذبة التي خدعه بها المسيو فردبناند دلسيبس حين زعم أن الإنجليز لا يمكن أن يتعرضوا للعمل الفرنسي، فامتنع عرابي عن سد القناة في الوقت المناسب واستمسك برأيه

<<  <  ج:
ص:  >  >>