يقول عامر بن الطفيل:(وبالحري إن أدالت الأيام وثابت الأحلام أن تحدث لنا أمور لها أعلام. قال كسرى: وما تلك الأعلام؟ قال: مجتمع الأحياء من ربيعة ومضر على أمر يذكر. . .)
فمن يعني منشئ (المقامة) بما سطر؟ ومن ذا الذي ستلف الأحياء عليه، وتنقاد له؟
أغلب الظن أنه أومأ إلي ما أعلنه سطيح الذئبي وشق الأنماري وسيف بن ذي يزن. وإن قصد الصائغ عامر بن الطفيل استناداً إلى الروايات من نوع خبرة رويت فقد أبعد في ضلاله. وهذه نبذ مما زخرفوه لعامر تملى طرفا وأفاكيه:
(كان أبو علي عامر بن الطفيل من أشهر فرسان العرب بأساً ونجدة وأبعدها اسما حتى بلغ أن قيصر ملك الروم كان إذا قدم عليه قادم من العرب قال: ما بينك وبين عامر بن الطفيل؟ فإن ذكر نسبا عظم عنده، حتى وفد عليه علقمة بن علاثة، فانتسب له، فقال: أنت ابن عم عامر بن الطفيل؟ فغضب علقمة وقال: ألا أراني أعرف إلا بعامر؟ فكان ذلك مما أوغر صدره عليه وهيجه إلى أن دعاه إلى المنافرة. . .)
(قدم عامر بن الطفيل عدو الله على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو يريد الغدر به، وقد قال له قومه: يا عامر، إن الناس قد أسلموا فأسلم. قال: والله لقد كنت آليت ألا أنتهي حتى تتبع العرب عقبي. أفأنا أتبع عقب هذا الفتى من قريش. . .)
(قدم عامر بن الطفيل على النبي صلى الله عليه وسلم، وقدم معه أربد بن قيس أخو لبيد بن ربيعة العامري الشاعر لأمه، فقال رجل: يا رسول الله، هذا عامر بن الطفيل قد أقبل نحوك. فقال: دعه، فإن يرد الله به خيراً يهده. فأقبل حتى قام عليه، فقال: يا محمد، مالي إن أسلمت؟
قال: لك ما للمسلمين، وعليك ما عليهم
قال: تجعل لي الأمر بعدك
قال: لا، ليس ذاك إلي، إنما ذلك إلى الله (تعالى) يجعله حيث يشاء