يجب أن يكون (الأدب) قد استقبل عهداً جديداً، تتحول فيه مقاييسه وأساليبه ومظاهر إنتاجه، بحيث تجري مع هذه النهضة الجديدة وتوجهها.
فالأدب في طبيعته الحقة صدى النفوس وصوت المشاعر ومظهر الأنات الكامنة في الأعماق، وقد أصيب خلال الفترة الماضية بما أصيبت به الحياة السياسية والاجتماعية من اضطراب وفساد. .، وتغلفت روحه الفنية بحجاب كثيف من النفاق والمداجاة والدجل والأوهام.
ولا شك أن فريقا من الكتاب قد آمن برسالة الأدب، وحاول خلا لا لعهد الذي انتشر فيه الضباب أن يتكلم وإن يقول، ولكنه كان مضطرا لأن يستعمل الرمز، وإن يصطنع الإيماء، وإن يتخذ من اللف والدوران وسيلة إلى الإفضاء وإن لم تكن وسيلة للإفصاح.
يجب أن يكون (٢٤ يوليه ١٩٥٢) حد فاصلا في تاريخ مصر بين عهد وعهد، وبين جيل وجيل، فقد انتهت به مرحلة الانتقال العصيبة القاسية التي شهدت مصر فيها أهوالا من الطغيان والأحقاد والآثام.
كان يوم ٢٤ يولية ختاما لمرحلة تمزقت فيها وحدة الأمة، واستشرى لفساد، واشرأبت الفتنة، وتنازعت الناس عوامل الوصولية والرشوة والاستعلاء.
وكانت الحزبية، والسياسة والاستعمار الوصولية، من العوامل البعيدة المدى في الأدب والفكر والفن.
أما اليوم فقد بدأ عهد جديد، يتاح للأدب فيه أن يؤدي رسالته على أكمل وجه، في حرية كالة، وهو عهد انتهت به القصة الداعرة، والكلمة المكشوفة، وانتهى عهد إغراء القراء، وهدهدة غرائزهم،. . . والنزول إلى مستواهم، ورسم الصور العارية، ونشر الكتابات المثيرة.
يجب أن يكون عهد الأدب الرخيص والأفكار البهلوانية التافهة قد انتهى مع العهد نفسه، ويجب أن يستجيب الأدب لعهد القوة والعزة، وإن ينفتح لروح الحرية، فينشئ الأدباء فنونا من القول فيها حماسة ورجولة وتوجيه وإصلاح.