للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[هوستن ستيوارت شمبرلين]

فيلسوف النازية الأول وصاحب دعوة الزعامة الألمانية

للأستاذ زكريا إبراهيم

لعلّ من غريب المصادفات أن يكون الرجل الذي وضع الأصول الأولى للفلسفة النازية، رجلاً إنجليزياً ينتسب إلى أصل إنجليزي صريح. ولعل من غريب المصادفات أيضاً أن يكون الرجل الذي استمد منه فيلسوفنا هذه الأصول، رجلاً فرنسياً لا يمتُّ إلى الأصل الألماني بأدنى سبب. فقد نشر الكاتب الفرنسي (آرثر دي جوبينو) كتابه عن (تفاوت الأجناس البشرية) (من سنة ١٨٥٣ إلى سنة ١٨٥٧) وفيه أعلن سيادة العنصر الآري على سائر العناصر؛ فلم يكد القرن التاسع عشر يشارف تمامه، حتى تأسست في ألمانيا نفسها جماعة عرفت باسم (جماعة جوبينو)، أخذت على عاتقها أن تقنع الألمان - وهؤلاء لم يكونوا في حاجة إلى إقناع طويل - بأنهم أرقى الأجناس، وأنهم أنقى سلالة من سلالات الآريين. ولم تكد تمضي على اليوم الذي تأسست فيه هذه الجماعة خمسة أعوام، حتى ظهر كتاب ضخم يُعدّ إنجيل (العنصرية)، وهو كتاب (دعائم القرن التاسع عشر) للكاتب الإنجليزي هوستن ستيوارت شمبرلين

وقد ولد شمبرلين من أب إنجليزي كان ضابطاً كبيراً في الجيش؛ ولكنه تأثر بالمؤثرات الألمانية، فدفعه إعجابه بعظمة الجنس التيوتوني إلى أن يتخلى عن الجنسية الإنجليزية، لكي يتجنس بالجنسية الألمانية. ولم يلبث أن اقترن بابنة ريتشارد فاجنر، فأصبح يعد نفسه منذ ذلك الحين ألمانياً خالصاً ينحدر من أصل ألماني خالص! وحينما نشر شمبرلين كتابه الذي أودع فيه دفاعه الحار عن العنصر الجرماني، لقي هذا الكتاب رواجاً كبيراً، وأثنى عليه كثير من النقاد، حتى لقد قيل إن القيصر نفسه كان يقرأ هذا الكتاب على أبنائه؛ كما كان يقدمه لضباطه ويأمرهم بأن ينشروه خلال ألمانيا كلها. وحسبنا أن نلقي نظرة على كتاب (كفاحي) الذي ألفه هتلر، لكي ندرك إلى أي مدى أثر كتاب شمبرلين في ألمانيا الحاضرة نفسها

والفكرة الأساسية التي يقوم عليها هذا الكتاب الضخم هي أن الحضارة الحديثة وليدة العمل الذي قام به التيوتون، أعني أنها ثمرة للعمل الجرماني الآري. فالعنصر الجرماني قد

<<  <  ج:
ص:  >  >>