(لتفتحن القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك
الجيش)
حديث شريف
تحتل مدينة القسطنطينية موقعا فريدا بين مدن العالم، وحسبك أن تلقى نظرة عليها في الخريطة فتدرك ذلك. فهي تقع عند ملتقى القارتين آسية وأوربا، تحيط بها البحار من ثلاث جهات. وقد حبتها الطبيعة خصوبة الأرض وجودة الطقس كما حبتها أسباب القوة والمتعة. وللقسطنطينية ميناؤها العظيم في القرن الذهبي الذي كان يعد أوسع وآمن ميناء في العالم. وكانت هذه المدينة فوق ذلك كله مركزا عظيما للتجارة، تأتى إليها المتاجر من كل صوب من البر والبحر. وقد نوه نابليون بونابرت بوجه خاص في العصور الحديثة بأهميتها وخطورتها فقال في شأنها (لو كانت الدنيا مملكة واحدة لكانت القسطنطينية أصلح المدن لتكون عاصمة لها). وذكر نابليون في مذكراته التي كتبها في منفاه بجزيرة سانت هيلين أنه حاول مرات عدة الإنفاق مع روسيا على اقتسام الإمبراطورية التركية، ولكن وقفت القسطنطينية في كل مرة العقبة الكؤود دون الاتفاق. فقد كانت روسيا تلح في امتلاكها ونابليون يصر على عدم تسليمها إذ أن هذه المدينة وحدها كانت في نظره تساوي إمبراطورية. وهي تعد بمثابة مفتاح العالم، من استولى عليها استطاع أن يسيطر على العالم بأجمعه. وقد كان نابليون في أشد الحاجة إلى صداقة روسيا لمواجهة عدوته اللدود إنجلترا؛ ولكنه برغم ذلك لم يستطع أن يضحي بالقسطنطينية. ولو قد تم الاتفاق بين نابليون وروسيا على مصير المدينة لتغير مجرى تاريخ أوربا وتغير تبعا لذلك مجرى تاريخ العالم كله
وقد أدرك الغزاة والفاتحون منذ القدم أهمية هذه المدينة وخطورة موقعها فحاولوا الاستيلاء عليها وحاصروها مرات كثيرة. غير أن هذه المدينة استطاعت بمناعة موقعها وقوة حصونها أن تصد معظم الغزاة الفاتحين وكان للمسلمين نصيب كبير من هذه المحاولات،