[من أغاني الرق:]
عبيد الرياح
للأستاذ محمود حسن إسماعيل
(في غروب يوم قائظ، ماتت رياحه وسكن فيه كل شيء، إلا
غناء شقي يتهاتر أنينه من هؤلاء المعذبين الأبطال. ساروا
مصفدين بحال السفن، يصارعون تيار النيل في عراك جبار
مع الطبيعة، علهم يشقون في صدرها طريقهم إلى الجنوب!).
رأيتهمُ في غروب كئيبْ ... يعز على شمسهم أن تغيبْ
جدتهم بأشلاء ضوء ذبيح ... يعصفر أشباحهم باللهيب
جبابرة عوذا للهواء ... وبثوا رقاهم لريح المغيب
يلوحون صفاً وئيد الحراك ... كأنهمُ صُلبوا في الكئيب
يسيرون سير الهوان المريب ... ويمشون مشي الزمان الكئيب
فتحسبهم أوغلوا في الخيال ... وعينُك تأخذهم من قريب!
على صدرهم من غضون الكفاح ... أفاعي حبال تلف الجُنوب
تجاذبهم خطوهم للوراء ... فهم من عناد بقايا حروب
سواعدهم موثقات الزنود ... ولكنها عدة للهبوب
تشق الفضاء بأصدافها ... فتنشق أجوازه أو تذوب
وأجسادهم حانيات لها ... ركوع المحمل ثقل الذنوب
كأنهمُ في سفوح الزمان ... شياطين تحدو المساء الرهيب
حواميمهم خلف نعش الرياح ... (هواهو) (هواهو) غناء رتيب
سقاهم (سليمان) من سره ... فكادوا يمسُّون سمع الغيوب
أقاموا جنازاً يئن الفضاء ... بأصدائه، وينوح الغروب
يكاد يعزى، ويمشي النخيل ... وراءهمُ، وتلوذ السهوب