للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[نقل الأديب]

للأستاذ محمد استعاف النشاشيبي

٥٧٩ - نشبهها في ذنبها وقرونها

قال القاضي أحمد بن خلكان: كان أبو البقاء يعيش ابن علي بن يعيش حسن التفهم، طويل الروح على المبتدئ والمنتهي. وقد حضرت يوماً حلقته وبعض الفقهاء يقرأ عليه (اللمع) لأبن جني فقرأ بيت ذي الرمة بباب النداء

أيا ظبية الوعاء بين جلاجل ... وبين النقا آأنت أم أم سالم؟

فقال الشيخ موفق الدين: إن هذا الشاعر لعظم وجده بهذه المحبوبة وكثرة مشابهتها للغزال - كما جرت عادة الشعراء في تشبيهم النساء الصباح الوجوه بالغزلان والمها - اشتبه عليه الحال فلم يدر هل هي امرأة أم ظبية، فقال: آأنت أم أم سالم وأطال الشيخ القول في ذلك بحيث يفهمه البليد البعيد الذهن وذلك الفقيه منصت حتى يتوهم من يراه على تلك الصورة أنه قد تعقل جميع ما قاله الشيخ، فلما فرغ من قوله قال له الفقيه:

يا مولانا، إيش في هذه المرأة الحسناء يشبه الظبية؟ فقال له الشيخ موفق الدين قول منبسط: تشبهها في ذنبها وقرونها فضحك الحاضرون، وخجل الفقيه وما عدت رأيته حضر مجلسه

٥٨٠ - فسكت وسكتنا

في (الأغاني): أقبل عيينية بن حصن إلى محلة بني زبيد في (الكوفة) فسأل عن محلة عمرو بن معد يكرب؛ فأرشد إليها، فوقف ببابه ونادى: أي أبا ثور، أخرج إلينا، فخرج إليه وقال: أنزل، فإن عندي كبشاً، فنزل فعمد إلى الكبش فذبحه، ثم ألقاه في قدر وطبخه حتى إذا أدرك جاء بجفنة عظيمة فثرد فيها، وأكفأ القدر عليها فقعدا فأكلا. ثم قال له: أي الشراب أحب إليك اللبن أم ما كنا نتنادم عليه في الجاهلية؟

قال: أو ليس قد حرمها الله علينا في الإسلام؟ قال: أنت أكبر سناً أم أنا؟ قال: أنت. قال: فأنت أقدم إسلاماً أم أنا؟ قال أنت. قال: فإني قد قرأت ما بين دفتي المصحف فوالله ما وجدت لها تحريماً إلا أنه قال: (فهل أنتم منتهون) فقلنا: لا فسكت وسكتنا، فقال له: أنت

<<  <  ج:
ص:  >  >>