للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[٢ - أدباؤنا والمسرح]

للأستاذ دريني خشبة

تكلمنا في الكلمة السابقة عن السبب الأول من أسباب عقم الإنتاج المسرحي بين أدبائنا المصريين، وذكرنا أن هذا السبب الأول هو تأخر الترجمة في مصر، وضآلة النقل الفني المسرحي، إن لم يكن انعدامه. . . ثم وزعنا جريرة هذا التأخر فتكلمنا عن نصيب كل من كبار أدبائنا، وكلية الآداب، ووزارة المعارف ممثلة في إدارة الترجمة من هذه الجريرة. . .

٤ - وتأتي بعد ذلك جريرة دور النشر، ودور النشر مع الأسف الشديد يملكها ويسيطر عليها تجار لا يعرفون للأدب طعماً ولا لوناً، ولا يفهمون منه إلا أنه مغنم لهم ومغرم على الأدباء المساكين، فهم دائماً يلقون في روع الأديب أن طبع كتابه مجازفة قد تجر على داره الخسارة إن لم يدع أنها تجر عليها الخراب والإفلاس، وأنه - أي صاحب الدار يريد أن يضحي والسلام، فإما أفلحت التضحية وإما (أهي خدمة للأدب والسلام!!) - والسلام الذي يتمشدق به هذا التاجر أو ذاك من أصحاب دور النشر هو السم الذعاف الذي يجرعه للأدباء. على أننا لا ندري لماذا تقف لجان الترجمة والتأليف والنشر من شباب الأدباء نفس الموقف الذي تقفه منهم دور النشر التجارية، مع ما تبذله الحكومة لهذه اللجان من المعونات المتواضعة أحياناً السخية أحياناً أخرى؟ ولا ندري أيضاً لماذا تتفشى روح البيرقراطية الأدبية بين السادة القائمين بأمر هذه اللجان؟ إن الشباب من الأدباء يداولون فيما بينهم ألواناً من الشكاوي التي لها ما يبررها بلا ريب، وقد أثبتت أحوالنا الأدبية أن مشايخنا الأدباء المصنفين لا يصلحون بحال للانتاج المسرحي لما صح من أنهم عاشوا أعمارهم الطويلة المباركة هذه ولم يلتفتوا قط إلى أهمية الأدب المسرحي بدليل أنهم لم ينتجوا فيه شيئاً قط ولم يترجموا له شيئاً قط. والذي لا شك فيه هو أن الشباب من الأدباء أقدر على هذا كله من أساتذتهم أدباء أمس الدابر. فإلى أن ينظم أدباء الشباب أمورهم يجب أن يتقدموا إلى الدولة بطلب المعونة التي تبذلها لمشايخ الأدباء، ولكن عليهم قبل ذلك أن يستعدوا. . . فلا يتقدموا لطلب هذه المعونة وأيديهم فارغة، وإلا أضحكوا الدنيا كلها عليهم. . . وإذا هم أقبلوا على نقل المسرحيات الأجنبية إلى اللغة العربية فإنهم بذلك يؤدون خيراً مزدوجاً لنهضة المسرح المصري أولاً ولأنفسهم ثانياً

<<  <  ج:
ص:  >  >>