نهضت (رودا فارمنجتون) عن المعقد الذي كانت جالسة عليه بقرب النافذة وأطلت فرأت العربة المقبلة هي عربة أبيها الدكتور فارمنجتون فتنهدت وقالت: إن مجيئه يمنع الشك وإن المعرفة بأمر مهما يكن نوعه أفضل من فترة الشك. وقد كانت منذ الظهيرة جالسة هذه الجلسة تترقب عودته لتتعرف الخبر، وهي بين حين وحين تطل من النافذة؛ وهاهي الساعة الآن قد تجاوزت الرابعة وسئمت الفتاة الانتظار. وفتحت الباب ودخل الدكتور فقالت بلهجة فيها رنة العتاب:(ماذا!)
وإنما كان عتابها لأن أباها أمرها بالبقاء هنا. وقد كانت واجبات الصداقة تقضي عليها بأن تذهب إلى المريضة (جيسي شاننج)
وفرك الطبيب كفيه الباردتين وقاد ابنته إلى الغرفة وهو يقول:(تعالي يا رودا فإن الجو بارد في هذه الردهة). فتبعته وهي تقول:(هل حالة المريضة أسوأ)
قال الطبيب:(نعم أسوأ جداً)
فقالت:(هل تعني أنها. . .)
قال الطبيب مقاطعاً:(إن جيسي قد ماتت)
ثم نزع الطبيب معطفه بصورة إليه وعلقه على المشجب واتجه إلى الموقد فأدفأ كفيه. وكان الطبيب قليل الكلام وظن أن حديثه مع ابنته قد انتهى بسؤالها وجوابه. ولكن الفتاة ظلت واقفة واجمة كأنها تنتظر المزيد. وبينما هي كذلك إذ دخلت نانسي خادمة المنزل وهي امرأة في منتصف العمر، وأوقدت المصباح ونظرت إلى الدكتور ثم إلى ابنته وقالت:(أرجو أن تكون صحة جيسي ساننج قد تحسنت)
فقال الطبيب:(كلا ولكنها ماتت)
وجمت الخادمة أيضاً وكأنها لم تصدق أذنيها ثم أشارت بيديها إشارة تدل على اليأس