للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الكتب]

كتاب باب القمر

تأليف الأستاذ إبراهيم رمزي

بقلم الأستاذ محمد فريد أبو حديد

ماذا أسميه؟ أأسميه قصة؟ إنني إن فعلت فلن أعدو الحقيقة إذ هو في الواقع قصة فيها ما في القصص عادة من مداخل الخيال وطلاوته. ففيها لمياء ابنة الحارث بن كلدة، تلك الصورة الحية الناطقة التي لا يسع قارئ القصة إلا أن يتمثلها ويحس ما تحسه من أشجان. فتاة عربية رومية تجمع ثقافة الإغريق وصفاء نفس العرب، وتتمثل فيها فضائل المدنية وفضائل البداوة جنباً إلى جنب. وفيها ورقة ابن العفيفة، ذلك الفتى العربي النبيل الذي يتقلب في بلاد العرب وفيما حولها حتى ينتهي به التجوال إلى الإسكندرية فيصبح فيها أمين الحاكم وكبير حراسه. وهذان هما الشخصان اللذان قد حيكت حولهما حوادث القصة على ما ألف الناس في القصص من دوافع العواطف الشريفة وخوالج النفوس المضطرمة؛ على أنني لا أملك إلا أن أعقب على هذا القول لأحدد منه. فان هذا الكتاب ليس على ما يفهم من القصة المحض، فان المؤلف قد جعل إلى سداه القصصي لحمة من التاريخ المصفى الذي لا يخطئ القارئ إذا اعتمد عليه ووثق من حقائقه، فهو يصور حال بلاد العرب في أول أيام البعثة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى السلام، فابتدأ في نجران وصور ما كانت عليه حال تلك المدينة القديمة ومكان الأسقف المسيحي منها؛ ثم هبط اليمن مع قوافل التجار التي تيمم الشمال في رحلاتها المنتظمة حتى بلغ معها بلاد الحجاز فصور مكان النبي عليه الصلاة والسلام في أوائل سني البعثة وصور صحابته تصويراً لا أظن ريشة المصور تبدع خيراً منه، كما صور أعداءه وشتى وسائل عداوتهم له إلى حصارهم إياه في الشِّعب على ما هو معروف في كتب السيرة؛ وعبر بعد ذلك إلى الشام فعرض صورة لدولة الروم وهي تناضل الفرس ذلك النضال الهائل الذي غلبت فيه في أدنى الأرض، وعرض بعدها صورة ثانية لمصر والإسكندرية وبين ما كان فيها من اضطراب وأحزاب إلى أن دخلتها جيوش فارس بتدبير بعض الخونة مثل بطرس

<<  <  ج:
ص:  >  >>