(مضى الأستاذ سيد قطب فيما سماه الموازنة بين الرافعي والعقاد على نهجه وطريقته؛ وقد آثرت الصمت رعاية لما بيني وبينه من صلات الود، وأغضيت في سبيل ذلك عن أشياء تنالني من قريب أو من بعيد. . .
(ولقد كان حرصي منذ بدأت هذا التاريخ أن أكون مؤرخاً وحسب، مجرداً من هوي الصاحب وميل الصديق؛ فما كان من حسنات الرافعي أو عيوبه فقد رويته على ما رأيته، إذ كان حق الأدب على أكثر من حقه. فلما كانت أولى مقالات الأستاذ قطب، هممت أن أقول شيئاً فخشيت. . .
وخشيت أن يكون لي في الدفاع حماسة توقظ هواي وحبي للرافعي فتغلبني عاطفتي على روح التجرد الذي أحرص عليه حتى أفرغ من هذا التاريخ. . . وكفاني الأستاذ شاكر هذه المئونة حين انتدب لتزييف هذا النقد
(ولكن الأستاذ قطب استمر مسرفا في التجني، ومضى يقول. . . ويقول. . . ويتهمني في النهاية بأنني انحرفت عن منهج المؤرخ، وكنت عنده شبيها بمن يجلس في المأتم ويرمي الناس بالحجارة. . . وعفا الله عنه. . .!
(فأن كان هذا هو كل عذر الأستاذ قطب من تمزيق أكفان الموتى بأظفاره فقد بلغ وأبلغ، وسيذكر عذره هذا غداً فيما يؤثر من لطيف الأعذار، ولكنه لن يبلغ من القوة أن يمحو التاريخ الذي كان، وإن ساءه وأحفظه أن ينسب هذا التاريخ إلى صاحبه الذي يحاول أن يدفع عنه أو يدفع به. . .)