(أمبرتو ريتشي الاقتصادي الإيطالي ذو الشهرة العالمية.
أستاذ الاقتصاد السياسي في جامعة روما، وأحد مؤسسي معهد
الزراعة الدولي. وأستاذ المالية العامة بجامعة فؤاد الأول، بين
سنتي ١٩٢٨، ١٩٤٠. وأستاذ الاقتصاد السياسي في جامعة
اسطنبول بين سنتي ١٩٤٢، ١٩٤٥ كان ماراً بمصر، عائداً
من تركيا إلى بلاده، وكان مريضاً وبقى في سرير المرض
أسابيع ومات في القاهرة ٣٠ يناير ١٩٤٦ ودفن في أرضها).
أعود اليوم بالذاكرة إلى عشر سنين مضت، إلى يوم رأيت أستاذي (أمبرتو ريتشى) لأول مرة، في أول درس حضرته عليه. كنا في مقاعدنا ننتظر. وما هي إلا لحظات حتى أقبل وئيد الخطى، ممتلئ الجسم، قصير القامة، كبير الهامة. وجه أسمر فيه من سمات الشرق أكثر مما فيه من سمات الغرب، ولحية قصيرة فيها من البياض أكثر مما فيها من السواد، وعينان تطرفان وراء منظار سميك، وتنمان عما أضاع صاحبهما من نورهما في جريه وراء نور المعرفة، وكأنما كان عليه ألا يستبدل نوراً إلا بنور؛ ورجل لو رأيته، دون أن تعرفه، لما ترددت في أن تسائل من حولك: من يكون هذا (العالم)؟ هذا هو أستاذنا (أمبرتو ريتشي).
بدأ يعرض علينا موضوع العلم الذي جئنا نأخذه عنه عرضاً سريعاً، وانتهى درسه الأول. وبدا لي أن ليس في كلامه من جديد. وسرت إليه، ونحن خروج من قاعة الدرس، واندفعت أقول له:(لقد درست هذا العلم من قبل، ولست أدري ماذا علي أن أصنع في عامي هذا) قال متسائلاً: (درسته؟ وتعرفه كله؟) قلت: (حق المعرفة) فنظر إليَّ نظرة فيها كثير من