روى مصريون أن زعيمين من ساستنا باحثا اللورد اللنبي وتدهيا له حتى ألان لمصر جناحه وتطوع لنصرة قضيتها. وزعم آخرون أن مصرياً غيرهما هو الذي حج اللورد حتى سلم بحق المصريين في الاستقلال، ووعد بان يقدم إلى حكومته اقتراحات إذا هي رفضتها استقال، وقد وفى بوعده الذي كان أشبه بحلم منه بالحقيقة الواقعة
وإذا كان في معرفة الحقيقة التاريخية فائدة فإنه يحسن بكل مصري وقف على شيء يتعلق باستقلال بلاده أن ينشر ما عرف، لكي تتضح تلك الحقيقة بأجمعها. ومن هذه القبيل ما يلي ذكره في سبيل المصلحة العامة
في أذيال الحرب الكبيرة الماضية - التي أتلفت الملايين من الأنفس والأموال وانتصر فيها الإنجليز وحلفاؤهم - اضطرت الجيوش البريطانية إلى الجلاء عن تفليس، وباطوم، وعشق آباد، وبخاري، وشمال إيران. ولما حلت الجنود الفرنسية في سورية محل القوات البريطانية لن تفي هذه القوات بحاجة الجيوش التي كان حشدها ضرورياً لقمع الثورات في تركيا،
وإيران، وكردستان والعراق، ولحماية المصالح البريطانية المتعلقة بمناطق البترول القوقازية والعراقية والإيرانية. وكان اللورد كتشنر يصرح بأنه لا يستطيع في أية حال أن يحمي بجيش الهند وحده منطقة في إيران أكبر من منطقة النفوذ التي عينها لإنجلترا الاتفاق الإنجليزي الروسي المعقود سنة ١٩٠٧. أما المستر لويد جورج، رئيس الوزارة، فقد رأى أن اليونان تستطيع حراسة المصالح البريطانية في آسيا الصغرى، وأراد أن يكلف جيش الهند حفظ المصالح البريطانية الجديدة في الشرق. لذلك شكلت لجنة خاصة تحت رياسة اللورد اشر مهمتها أن تحل مسألة تعديل نظام الجيش الهندي وتكبيره، فأهملت هذه اللجنة قانوناً صدر سنة ١٨٥٨ وفيه نص صريح على أن الجيش الهندي يجب أن يبقي في الهند، إذ ختمت أعمالها بقرار مضمونه أن هذا الجيش لم يبق في الإمكان اعتباره قوة محلية دائرة أعمالها محصورة داخل حدود الهند، بل يجب عده قسماً من جنود