كانت الحرب العالمية قد وسعت دائرة أعمال ذلك الجيش فأكسبت سكان الهند - ولا سيما المسلمين الذين منهم صفوة الجنود الأهلية - حق إبداء رأيهم في تسوية السلم في الشرق. فلما نشر تقرير اللورد أشر، بعد أن أمضيت معاهدة سيفر، قامت في الهند ضجة غضب؛ ونشرت التيمس يومئذ في عددي ٥ و٦ من نوفمبر سنة ١٩٢٠ كتاباً مطولاً من أغا خان نبه فيه أصدقاءه من البريطانيين إلى أن هذه السياسة لا تلائم العلاقات بين بريطانيا العظمى والهند، ونصح بالعدول عن احتلال مناطق البترول وبمساعدة القبائل العربية، مساعدة مالية، لتقوم هي في مقابل هذه المساعدة بحماية معامل البترول وأنابيبه. وقد وقع هذا الكتاب أحسن وقع لدى الرأي العام البريطاني، إذ كان في قلق من كثرة الخسارة في الرجال والمال للجيش القائم باحتلال كردستان والعراق وإيران، البالغ قرابة ألف جندي
هذا، وقد كانت المسألة العربية من جهة أخرى تستوقف نظر البريطانيين لأسباب منها: خلع الفرنسيين للملك فيصل، والحركة الوطنية في مصر، واستئناف المنافسة بين الحجاز ونجد. وقد تبين من تقريري اللجنة التي أرسلت إلى الهند ولجنة ملنر أنه يصعب تكبير الجيش الهندي بعيد الحرب، وأن من الحكمة أن تعدل حكومة لندن سياستها الشرقية. ثم لوحظ أن لكل من بريطانيا وأمريكا مصلحة في مسألة البترول، وأن الدولتين متجهتان إلى زيادة التسلح البحري - الذي يستلزم زيادة الإنفاق - وأن الحكومة البريطانية كانت قد وعدت العرب بمساعدتهم في طلب الاستقلال وصرَحت بموافقتها على مبادئ ولسن المشترطة للصلح
من أجل ذلك كله عقد بالقاهرة في آخر مارس سنة ١٩٢١ مؤتمر كبير تحت رياسة المستر ونستن تشرشل وزير المستعمرات يومئذ، حضره الكولونيل لورنس (وكان المستر تشرشل قد جعله وكيل وزارته لشؤون الشرق) وجميع البارزين في السياسة الشرقية الإنجليزية: المس جرترود بل، والمارشال اللنبي، والسير برسي كوكس، والسير هربرت صمويل، والسير جلبرت كلايتون، والكولونيل كورنواليس، وغيرهم، وكان الغرض من عقد هذا المؤتمر أن يحل مسألة إنقاص قوات الاحتلال في إيران، وكردستان، والعراق، ويحل مسألة مصر وبلاد العرب؛ وقد ختم أعماله بالقرارات التالي بيانها: