للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[للأدب والتاريخ]

مصطفى صادق الرافعي

١٨٨٠ - ١٩٣٧

للأستاذ محمد سعيد العريان

- ٤٥ -

ليس الغرور لميت بمتاع؛ وما يجدي شيئاً على الرافعي أن يكون كل وفاء العربية له أن نقول: كان وكان يرحمه الله!

لقد كان الرافعي صاحبَ دعوة في العربية وفي الإسلام يدعو اليها؛ فحقُّه على العربية، وحقُّ العربية على أدبائها، وحق الإسلام على أهله، أن نجدِّد دعوته، وأن نبقي ذكره، وأن ننشر رسالته، وأن نُعنى بآثاره؛ فإذا نحن قد وُفِّقنا إلى كل أولئك فقد وفَينا له بعض الوفاء!

والآن فلننظر لنرى مقدار ما يمكن أن تصل إليه هذه الدعوة من النجاح؛ وأمامنا إلى ذلك وسيلتان:

أولاهما أن نعرف مدى تأثير الناشئة من المتأدبين اليوم بأدب الرافعي ومذهبه؛ والثانية هي البحث عن آثار الرافعي ومنشآته الأدبية وتراثه الفكري لنحرص عليه من الضياع.

فأما الأولى فإن بين الرافعي والأكثرين من ناشئة المتأدبين في هذا الجيل حجاباً كثيفاً يمنعهم أن ينفذوا إليه أو يتأثروا به لعوامل عدة:

فالرافعي أديب الخاصة، كان ينشئ إنشاءه في أي فروع الأدب ليضيف ثروة جديدة إلى اللغة تعلو بها وتَعِز مكاناً بين اللغات؛ ثم ليبدع أدباً يسمو بضمير الأمة ويشرع لها طريقاً تسير فيه إلى عظمة الخلد ومجد التاريخ.

وشبابنا أصلحهم الله لا يعرفون الأدب إلا ملهاة وتسلية، لا ينشدونه للذة العقلية وسموِّ النفس ولكن ينشدونه لمقاومة الملل وإزجاء الفراغ.

فهذا سبب

والثاني أن الرافعي - رحمه الله - لم يكن يكتب الكتابة الصحافية التي ينشئها أكثر كتابنا ليتملقوا غرائز القراء بالعبارة المتهافتة والقول المكشوف. وعند المتأدبين من ناشئة اليوم

<<  <  ج:
ص:  >  >>