. . . إن المتتبع للحركة القصصية في مصر، لا يستطيع أن يخفي خوفه من الخطر الذي بات يهدد أدب القصة، وأقول (القصة) وأعني في ذلك أن أحمل اللفظ أكبر معناه فتستوي عندي القصة الطويلة والأقصوصة!
. . . ليس فينا من ينكر أن الأدب القصصي مستحدث في العربية، وأن ظهوره كأدب ذاتي متميز لا يرجع إلى أبعد من هذا القرن العشرين. وأقول أدب ذاتي وأنا التمس للتعبير شيئاً غير قليل من التحفظ، فإن لقائل أن يقول: وهل لنا حقا أدب قصصي ذاتي؟
والحق أن الإجابة عن هذا السؤال لا تتطلب كثيراً من الجهد متى ما توفرت لدى الكاتب الشجاعة فيجب من فوره بأن ليس في مصر قصص ذاتي.
. . . أعلم سلفاً أن قولي هذا سيقيم ويقعد جماعة نصبوا أنفسهم آلهة للقصة في مصر، وليس في هؤلاء من يهمني رضاهم أو سخطهم ما دمت أهدف إلى غرض سام أرجو من وراءه أن يعود على أدبنا بالخير والنفع!. . . ويبقى أن ندير السؤال على وجه آخر فنقول: هل القصة المصرية موجودة بالفعل. . . وهل ما تطالعنا به المجلات الأسبوعية قصص مستمدة من صلب الحياة المصرية؟ أكبر الظن أن الإجابة عن هذا السؤال ستكون سلباً. . . فالقصة المصرية لا تعبر عن روح المجتمع بل هي الصدى الشائه لمجتمعات غربية وأجواء أجنبية! إن مقياس الذاتية في القصة أن يجد الإنسان نفسه وأسرته وعاداته وأخلاقه وآماله آلامه في كل ما يكتب الكاتب من القصص، ذلك بأن القصة يراد بها أولا وقبل كل شيء تصوير المجتمع، بل إن مقرري الحالات الاجتماعية لعصر من العصور في بلد من البلاد ليعتمدون في الكثير الغالب على القصة في تقرير الحالة الاجتماعية لهذا العصر باعتبار أنها الصدى الحاكي له. . وليكن المثال التالي مصدقاً لما نقول:
إن مصر ترزح في الوقت الحاضر تحت عبئ ثقيل من الآلام، فأين القصة التي يمكن أن يعتمد عليها مؤرخ في عصر متأخر ليصل منها إلى حقيقة هذا الوقت العصيب الذي تجتازه مصر؟ لقد كتبت قصص في بلاد أخرى كان مدارها علاج المشاكل الاجتماعية لتلك