أشرت في الأسبوع الماضي إلى مقال الدكتور طه حسين بك عن المازني في الأهرام، واقتراحه فيه على وزير المعارف أن يكتب إلى رئيس الوزراء طالبا تقرير معش لأسرة المازني. وقد عاود الدكتور طه الكتابة في هذا الموضوع بمقال عنوانه (تضامن) دعا فيه - بعد أن أبدى يأسه من استجابة الحكومة - إلى أن يتضامن الأدباء (ويجمعوا أمرهم على أن ينغصوا على رئيس الوزراء ووزير المعارف أمرهما كله، وأن يؤرقوا ليلهما ويجعلوا ليلهما عسيرا، حتى يفرغا من هذه القصة، ويفرغوا منها على النحو الذي نريده لا على غيره من الأنحاء)
وقد بدا شعور الدكتور طه في ذينك المقالين صادقا نبيلا، وقد بدا هو في كتابته إنسانا هماما، وأريد أن أستطرق إلى ما أريد أن أقول بأنه واجه الأمر مواجهة عملية على ما يقتضيه واقعنا وما تجري به الأمور في حياتنا الراهنة، فقد رأى أن آسرة المازني طال بها الانتظار أكثر مما ينبغي دون أن يعمل لها شيء يكفل لها الحياة الكريمة اللائقة بها، فلم يمن بد من أن يتناول الأمر على ذلك النحو، ولكني لا أستطيع أن اكتم إحساسا دقيقا يضطرب في نفسي، وهو أن عرض هذه المسالة على الصحف يمس كرامة الآسرة، وكان ينبغي أن يوجد الباعث على التدبير المنشود لها دون إثارة علنية، فإن لم يوجد هذا الباعث لدة ولاة الأمور أو شغلهم عن الشواغل، نبهوا عليه، وكان ينبغي أن يكون هذا التنبيه نهاية الأعذار. ولكن ما تجري به الأمور في حياتنا الراهنة غير ذلك، فقد تجاوز الكاتبون نهاية الأعذار، وجاء الدكتور طه فحمل حملته الصادقة، ومع ذلك لإنزال (الرسميات) نائمة كان أحدا لم يوقظها. . . ولو استقامت الأمور لما اضطر أحد أن يكتب في ذلك، بل كان يتم كل شيء على ما يرام دون أن يعلم الناس بشيء، فجناية الدولة مركبة من الإهمال أولا، ثم من اضطرار الكتاب إلى المجاهرة.
والرسميات التي تصم إذنيها إزاء الأدباء، ذات حساسية شديد في مواطن أخرى. وليس أبناء الأدباء بأقل استحقاقا الرعاية - لو استقامت الأمور - من أبناء (الباشوات) فليس أباء