للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[للتأريخ السياسي]

٣ - اليوم السابع من مارس ضربة مسرحية في برلين

للدكتور يوسف هيكل

المعاهدة الفرنسية الروسية ولوكارنو

رأينا كيف أن حكومة برلين قد اتخذت المعاهدة الفرنسية الروسية سبباً لرفضها معاهدة لوكارنو واتخاذها قرار ٧ مارس. فهل النظرية الألمانية صحيحة من الوجهة الحقوقية؟ أي هل المعاهدة الفرنسية الروسية لا تتمشى مع معاهدة لوكارنو؟. وقبل الإجابة على هذا السؤال يحسن بنا أن نعرض بإيجاز المحادثات الديبلوماسية التي أدت إلى عقد هذه المعاهدة:

لم يكن هدف فرنسا بادئ ذي بدء، إيجاد هذه المعاهدة، بل كانت الديبلوماسية الفرنسية ترمي إلى إيجاد (ميثاق شرقي) - لوكارنو الشرقية - بين بولونيا والروسيا وألمانيا وتشيكوسلوفاكيا ودول البلطيق وفينلاندا. ولقد تم الاتفاق على هذه الخطة بين فرنسا وإنكلترا أثناء المحادثات السياسية التي دارت بينهما خلال ١١و١٢ من يوليه ١٩٣٤. وزيادة على ذلك قررت الدولتان أن تتحمل الروسيا واجبات معاهدة لوكارنو إزاء فرنسا وألمانيا، وأن تتعهد فرنسا نحو ألمانيا والروسيا، في حالة اعتداء إحداهما على الأخرى، بمساعدة المعتدى عليه، على أن تكون تلك المساعدة ضمن دائرة واجبات عصبة الأمم. وبعبارة أخرى أن تعقد معاهدة ثلاثية دفاعية بين فرنسا وألمانيا والروسيا، يكون مفعولها سائراً في حالة تعدي إحداهم على دولة ثانية داخلة في الميثاق، على أن تكون الواجبات الناشئة عنها متمشية مع واجبات لوكارنو والعصبة. وقد تعهدت الحكومة البريطانية بأن توصي هذه الدول ولا سيما بولونيا وألمانيا بقبول هذه الاقتراحات. غير أن سعيها قد خاب. وقد أبانت ألمانيا بصراحة بأنها تفضل (المعاهدات الثنائية) - بين أثنين - على المعاهدات المشتركة المبنية على (المساعدة المتبادلة) - وتم الاتفاق في الاجتماع الفرنسي الإنكليزي الذي عقد في لندن في ٣ فبراير سنة ١٩٣٥ على إنشاء معاهدة لوكارنو الجوية، وعلى متابعة المفاوضة مع ألمانيا للاتفاق معها على إنشاء السلام في أوربا

<<  <  ج:
ص:  >  >>