للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

الخادم

للكاتب العظيم سيمونوف

عاد جيرازيم إلى موسكو حين كان يتعذر الحصول على عمل فيها، وذلك قبل عيد الميلاد بأيام قلائل. وفي هذه الفترة كان كل عامل يتمسك بعمله مهما كان حقيرا، طمعا في الحصول على هدية من مخدومه. وهكذا قضى الشاب الفلاح ثلاثة أسابيع دائبا في البحث عن مهنة ولكنه لم يوفق.

وكان يعيش مع أقاربه وأصدقائه الذين نزحوا مع قريته. ولم يكن في فقر مدقع، ولكنه يغتم لرؤية شاب قوي مثله يحيا بغير عمل.

وقد عاش جيرازيم في موسكو منذ حداثته. وعندما كان طفلا كان يشتغل بغسل الأواني في معمل من معامل البيرة، ثم اشتغل بعد ذلك خادما في أحدا المنازل. وفي السنتين الأخيرتين كان يعاون أحد التجار، ولولا أنه دعي إلى قريته لسبب يتعلق بالخدمة العسكرية لبقى حيث كان إلى الآن. ولسبب ما لم يقبل جيرازيم جنديا. ولما لم يكن معتادا حياة الريف فقد بدت القرية لعينيه في حلة من الكآبة، وصمم على الرجوع إلى موسكو مهما كانت النتائج.

وكل دقيقة تمر كانت تزيد ملله من جوب الطرقات في فراغ وبطالة. ولم يترك جيرازيم أي سبيل للعمل إلا طرقها. ولقد ضايق جميع معارفه بإلحافه، وأحيانا كان يتصدى للمارة ويسألهم إذا كانوا يعرفون سبيلا إلى عمل خال

ولم يعد يحتمل جيرازيم أن يكون عالة على الناس. وقد اصبح وجوده يغيظ بعض مضيفيه. وتعرض بعض الخدم الذين كان ينزل عليهم لتأنيب مخدوميهم إياه بسببه. لقد كان في حيرة تامة لا يدري ماذا يفعل. وأحيانا كان يجوب في الطرقات النهار كله دون أن يتناول طعاما

وفي أحد الأيام ذهب جيرازيم إلى صديق له من أبناء قريته، يعيش على حدود موسكو. وكان هذا الصديق حوذيا عند رجل يدعى شاروف، وقد مضى عليه أعوام كثيرة في خدمة شاروف وقد أفلح في أن يستحوذ على محبة سيده فأصبح يأمنه على كل شيء ويبدي له دلائل الرضا. ولعل لسانه الفتيق هو الذي كسب له ثقة سيده فقد كان يشي بكل الخدم،

<<  <  ج:
ص:  >  >>