للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[في تبويب الكتب]

للدكتور محمد عوض محمد

لقد تجري في حياتنا الأدبية الهادئة حادثات ونوادر طريفة تستحق أن تُسَّجلَ وتُثْبتَ؛ ومن ذلك هذه الرسالة التي كتبها صديقنا الأديب إسماعيل بن زيد إلى صديقه الفاضل الأستاذ طه حسين، مُستفَتْيِاً ومداعباً

وصاحبنا إسماعيل يزعم أنه قد تكدست لديه المؤلفات القيمة، ولكنه لا يعرف كيف يقسم كتبه إلى أبواب وفصول، ولذلك لم يستطع نشر شيء من مؤلفاته إلى اليوم. وهو يزعم في هذا أن عناء التأليف والتصنيف ليس بشيء يذكر إلى جانب عناء التبويب والتفصيل.

فلم يكد يطالع في كتاب للأستاذ حسن إبراهيم حسن قِطعةٌ يصف فيها الأستاذ طه حسين بأنه (لا يشق له غُبار في تبويب الكتب) حتى تناول قلمه الرشيق، وأرسل إليه هذا الكتاب، الذي عثرنا عليه بمحض الصدفة، والذي نثبته هاهنا بنصه وفصه:

استفتاء

إلى العميد العظيم طه بن حسين!

نَعِمَ صباحُك أيها العميد!

وبعد فإني أريد أن أستفَتْيِكَ في أمر شهد لك فيه صديقنا حسن إبراهيم حسن بالتقدم والبراعة، حيث قال في غير موضع من رسائله الممتعة إنك لا يشق لك غبار في تبويب الكتب

ولدي أيها العميد العزيز رسائل عديدة في موضوعات جليلة، حرت في أمري وفي أمرها: كيف أجعل لها أبواباً ونوافذ وشبابيك. . . وهي رسائل - وحقك - ذات خطر عظيم وشأن جليل؛ أريد أن أتقدم بها إلى بعض معاهد العلم لكي أحصل بها على ألقاب فخمة، وأسماء ضخمة. .

وما خيرُ حياة، يعيش صاحبها من غير ألقاب ولا أسماء؟ ولقد حدثني من أثق بشهادته أن الألقاب أعظم شيء في الحياة، وأنه أفضل لابن آدم أن يكون له لقب، من أن يكون له أدب. وأن يكون له اسم، من أن يكون له جسم. والألقاب مثلها كمثل الأثواب تستر الهنات، وتكسب الفخامة والجلال.

<<  <  ج:
ص:  >  >>