للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الأزهر بين القديم والجديد]

للأستاذ سليمان دنيا

إلى مجال الفكر الصائل على صفحات (الرسالة) الغراء أحول مجرى ذلك الصراع الفكري الذي دار على صفحات الأهرام بين مقال الأستاذ محمود الشرقاوي الذي عاب فيه على الأزهريين تمسكهم بمؤلفات العصر المملوكي التي تتسم بالركاكة والحشو والتعقيد والجمود، والذي تمثل فيه بقول الشاعر:

عذيري من قوم يقولون كلما ... طلبت دليلا: هكذا قال مالك

ودعا فيه إلى الأخذ بالأقدم والأقوم من مؤلفات الفترة الواقعة بين القرنين الثاني والخامس الهجريين.

ومقال الأستاذ محمد علي مخلوف الذي ذهب فيه إلى أن في مؤلفات العصر المملوكي من العلم النافع والأدب المفيد ما ينمي في النشء ملكات البحث والجدل والقدرة على التصرف في المناظرة. وأنها والحالة هذه، وبعد أن بذل الأزهريون جهودا موفقة في تنقيحها وتهذيبها، لا ينبغي لنا العزوف عنها واللجوء إلى سواها. واستشهد لوجهة نظره بقول الإمام المراغي.

(إني على بغضي لأكثر الكتب التي ألفت في العصور المتأخرة أكره من الطلاب أن يعجزوا عن فهمها، لأن فيها خيراً كثيرا، ودقائق لا يصح الجهل بها)

وختم مقاله متمثلا بقول ابن دقيق العيد

يقولون هذا عندنا غير جائز ... ومن أنتمو حتى يكون لكم عند؟

وفي رأيي أنه لا خير للأزهر في أن تقتصر دراسته على مؤلفات الفترة الواقعة بين القرنين الثاني والخامس الهجريين، تلك التي يسمونها (عصر المسلمين الذهبي) ولا في أن تقتصر دراسته على مؤلفات العصر المملوكي ون اشتملت على كل علم نافع، وعلى كل أدب مفيد، وحتى لو بلغت جهود الأزهريين في تنقيحها وتهذيبها الغاية التي ليس بعدها من غاية.

وإنما الخير كل الخير للأزهر في أن تكون دراسته مستوعبة تتناول المؤلفات منذ عرف المسلمون التأليف والتدوين. تدرسها وتتبين أسلوبها ومنهجها وموضوعاتها.

<<  <  ج:
ص:  >  >>