روى المسعودي في (التنبيه والإشراف) إخبار طائفة من الأفدية بين العرب والروم، منها خبر هذا الفداء:
(الفداء الأول فداء أبي سليم، كان أول فداء جرى في أيام ولد العباس في خلافة الرشيد باللامس من ساحل البحر الرومي على نحو من خمسة وثلاثين ميلاً من طرسوس سنة ١٨٩ - والملك على الروم نقفور - وذلك على يد القاسم بن الرشيد وباسمه، وهو معسكر بمرج دابق من بلاد قنسرين من أعمال الحلب. حضر هذا الفداء وقام به أبو سليم فرج خادم الرشيد المتولي له بناء طرسوس في سنة ١٧١ للهجرة، وسالم البربري مولى بني العباس في ثلاثين ألفاً من المرتزقة، وحضره من أهل الثغور وغيرهم من أهل الأمصار نحو من خمس مائة ألف، (وقيل أكثر من ذلك) بأحسن ما يكون من العدد والخيل والسلاح والقوة. قد أخذوا السهل والجبل، وضاق بهم الفضاء. وحضرت مراكب الروم الحربية بأحسن ما يكون من الزي، ومعهم أسارى المسلمين وكان عدة من فودي به المسلمين في اثني عشر يوماً - ثلاثة آلاف وسبع مائة - (وقيل أكثر من ذلك). والمقام باللامس نحو أربعين يوماً قبل الأيام التي وقع الفداء فيها وبعدها).
وذكر المسعودي في ذلك الكتاب هذا الخبر:
(كانت ملوك الروم تكتب على كتبها من فلان ملك النصرانية فغير ذلك نقفور، وكتب (ملك الروم)، وقال هذا كذب، ليس (أنا) ملك النصرانية، أنا ملك الروم، والملوك لا تكذب وأنكر على الروم تسميتهم العرب:(ساراقينوس) تفسير ذلك عبيد سارة، طعناً منهم على هاجر وابنها اسمعيل. وقال: تسميتهم عبيد سارة كذب. والروم إلى هذا الوقت - يعني سنة ٣٤٥ - تسمي العرب ساراقينوس).
قرأت ما روى المؤرخ المسعودي فرددت:
تذكرتُ والذكرى تهيج لذي الهوى ... ومن حاجة المحزون أن يتذكرا