أشرت في عدد مضى من (الرسالة) إلى المحاضرة التي ألقاها الدكتور أحمد أمين بك في حفلة افتتاح مؤتمر مجمع فؤاد الأول للغة العربية، وموضوعها (جمع اللغة العربية) ووعدت بتلخيصها تلخيصاً يتضمن فكرتها كاملة. واليوم أذكر هذه الخلاصة، ثم أعقب عليها ببعض الملاحظات.
بدأ الدكتور بأن المثقفين كانوا في العهد الأول وصدر من الدولة العباسية يأخذون اللغة من لأفواه العرب، وكان بعضهم يذهب إلى البادية ويقيم فيها يتعلم فصيح اللغة من أهلها، فلما جاءت موجة التدوين أهتم قوة بجمع اللغة، فجمعوها أولا من لغة القرآن الكريم والأحاديث التي صبحت عندهم، ثم تنقلوا بين القبائل العربية يجمعون كال ما يسمعون. ثم جد المؤلفون بعد ذلك في حذوهم أهل الحديث، فقسموا اللغة إلى متواتر وآحاد. وبين المحاضر معنى كل من المتواتر والآحاد، وعنى خاصة بالاعتراض على طريق المختلفة لجمع اللغة، ووصل من ذلك إلى أنها كانت بدائية غير منتظمة، إذ قال: إنما كان عملهم في الجمع بائيا غير منظم، إذ قال: إنما كانوا يلتقطون ما يسمعون من الألفاظ ويدونها ولم ينصوا في الأعم الأغلب على القبيلة الواحدة التي جمعوا منها ألفاظهم.
وأعبر تلك المقدمة عبراً، فالمحاضر - فيما يبدوا لي - يبغي من عرض طرق جمع اللغة وما أدت إليه من الكثرة وتضخم المعاجم، الوصول إلى (الترادف) ليفنذه وببسط فيه رأيه. فالترادف أصله جمع الألفاظ من القبائل المختلفة لتكون كلها لغة عربية ويقع فيها تعدد الكلمات لمعنى واحد آتياً من استعمال كل قبيلة لكلمة منها، يقول الدكتور: والقبائل كانت أعقل من أن تضع كل قبيلة لفظين لمسمى واحد، فالقبيلة التي تستعمل كلمة (السكين) لا تستعمل كلمة (المدية) والقبيلة التي كانت تستعمل كلمة (البئر) لا تستعمل كلمة (الفليب) فلما كان الجمع بدائيا، وجدت ألفاظ كثيرة مترادفة، ومن ثم كانت المعاجم مملوءة بالمترادفات. وفي رأيي أن المترادفات مع إعادتها للشاعر خصوصاً في الشعر العربي الذي يلتزم القافية وخصوصاً في الملاحم الطويلة التي تشمل على أبيات كثيرة يحتاج معها إلى مترادفات كثيرة. وقد أنكرها ابن فارس وثعلب، فقد روى أن ابن خالويه قال أفي