للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[تعقيبات]

للأستاذ أنور المعداوي

موقفنا من الاتحاد السوفيتي

في الحرب العالمية الأخيرة، جاء يوم وقفت فيه بريطانيا وحيدة بلا حليف، وحيدة بلا صديق، وحيدة بلا قوة. . حليفتها فرنسا - تلك التي تستأسد اليوم في مراكش - أنت في ذلك الوقت قد ركعت على قدميها أمام جحافل الألمان. بالفترة التي استغرقتها الدولة (العظيمة) لتركع، فكانت طويلة جدا في حساب الزمن وحساب التاريخ. . كانت سبعة عشر وما كما (يزعم) المؤرخون أو صديقتها أميركا - تلك التي ناصر الحرية اليوم في كوريا - كانت في ذلك الوقت قد التزمت خطة الحياد المزيف، عملا بموقفها (الخالد) من حرية الشعوب! القوة التي كانت تعتز بها بريطانيا وتفخر، تلك التي كم أخمدت أصوات الكرام وأخضعت رءوس السادة، كانت هي الأخرى قد تبعثرت أشلاؤها تحت مخالب النسر الألماني في كل مكان!!

في ذلك اليوم الذي خسرت فيه بريطانيا كل حليف وفقدت كل صديق، وسلبت كل قوة. . راح ونستون تشرشل - كلب الإمبراطورية العجوز - راح يتطلع في حيرة اليائس إلى كل أفق يمكن أن تشع منه ومضة أمل تضيء في نفسه مسارب الرجاء. . ولم يطل بأسه ولم تطل حيرته، فقد أقبلت الفرصة المنتظرة التي أتاحت للكلب أن يسترد أنفاسه اللاهثة، وأن يلعق جراحة النازفة، وأن يرفع رأسه من الأرض ليثبت من جديد أنه قادر على النباح!!

أقبلت الفرصة المنتظرة حين أقدمت روسيا على خوض غمار الحرب. . وانتهزها الكلب العجوز لا ليعترف بالجميل ولا ليذكر الفضل، بل ليطالع العالم بوجهه الصفيق ويقول: في سبيل القضاء على العدو المشترك، أرى لزاما على أن أضع يدي في يد الشيطان. . لقد كان الشيطان الذي يعنيه هو روسيا السوفيتية، وبفضل هذا الشيطان وحده استطاع أن يتجنب الهزيمة، وأن يقود أمة اللصوص نحو النصر!!

أليس موقفنا اليوم شبيها بموقف بريطانيا بالأمس؟ إنه يشبهه من كل الوجوه. . إننا نقف وحدنا بلا حليف، وحدنا بلا صديق، وحدنا بلا قوة، اللهم إلا قوة الإيمان بحقنا في الحياة!

<<  <  ج:
ص:  >  >>