للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[ثلاثة حوادث من التاريخ الإسلامي ساعدت على نمو]

[العربية وانتشارها]

للأستاذ عبد الحميد العبادي

عضو مجمع فؤاد الأول للغة العربية

نظرت في حوادث التاريخ الإسلامي فوجدت أن ثلاثة منها كانت ذات تأثير عميق بعيد المدى في نمو اللغة العربية وانتشارها العظيم. أول هذه الحوادث تعريب الدواوين على عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان (٦٥هـ ٨٦هـ). الثاني أمر الخليفة عمر بن عبد العزيز (٩٩ - ١٠١هـ) بتدوين الحديث النبوي. الثالث أمر الخليفة المأمون العباسي (١٩٨ - ٢١٨هـ) بنقل كتب الفلسفة من اليونانية إلى العربية. وسأتكلم على هذه الأحداث واحداً واحداً، مبيناً الباعث عليه، وكيف تم، وأثره في نمو اللغة العربية وانتشارها. ثم أختم كلامي بالمقارنة بين ما حصل منذ أكثر من ألف سنة وما هو حاصل بالفعل بالإضافة إلى نهضة العربية في عصرنا الحاضر.

إن نظام الديوان نظام مستحدث في الدولة الإسلامية ظهر في عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب عندما توالت الفتوح وتدفقت الأموال من الأقطار المفتوحة، فاقتضت الحال اتخاذ نظام لتقييد أسماء المقاتلة وقبائلهم ومبالغ أعطياتهم، فاستشار عمر ذوي الرأي على عادته في كل أمر حازب وحدث مهم، فأشاروا عليه بوضع الديوان.

و (الديوان) كما جاء في دائرة المعارف الإسلامية لفظ إيراني الأصل له صلة بكلمة (دبير) ومعناها (الكاتب). وقد أطلق في أيام الفتوح العربية على السجلات التي كانت تشتمل على حساب أموال الدولة، ثم أصبح يضاف في العصر العباسي إلى كل فرع من فروع الإدارة العباسية، فقالوا ديوان الزمام وديوان التوقيع وهكذا.

ولقد كون عمر لجنة لتدوين أسماء الجند وبيان أنسابهم وأعطياتهم على نظام اتفق عليه وفصله الماوردي في كتاب (الأحكام السلطانية) فكان من ذلك الديوان المعروف بديوان الجيش. وهو أول ديوان وضع في الدولة الإسلامية وكان يحرر بالعربية من أول أمره. ثم تلاه ديوان آخر هو ديوان المال والجباية، وكان مقر دواوين الأموال في عواصم الأقطار

<<  <  ج:
ص:  >  >>