ليحذر المفتي الذي يخاف مقامه بين يدي الله (سبحانه) أن يفتي السائل بمذهبه الذي يقلده وهو يعلم أن مذهب غيره في تلك المسألة أرجح من مذهبه وأصح دليلا، فتحمله الرياسة على أن يقتحم الفتوى بما يغلب على ظنه أن الصواب في خلافه، فيكون خائناً لله ورسوله وغاشاً له، والله لا يهدي كيد الخائنين، وحرم الجنة على من لقيه وهو غاش للإسلام وأهله. والدين النصيحة، والغش مضاد للدين كمضادة الكذب للصدق والباطل للحق. وكثيراً ما نرى المسألة نعتقد فيها خلاف المذهب فلا يسعنا أن نفتي بخلاف ما نعتقده. فنحكي المذهب الراجح ونرجحه، ونقول هذا هو الصواب، وهو أولى أن يؤخذ به، وبالله التوفيق.
في الأحكام السلطانية للماوردي:
يجوز لمن اعتقد مذهب الشافعي (رحمه الله) أن يقلد القضاء من أعتقد المذهب أبي حنيفة، لأن للقاضي أن يجتهد برأيه في قضائه ولا يلزمه أن يقلد في النوازل والأحكام من اعتزى إلى مذهبه، فإذا كان شافعياً لم يلزمه المصير في أحكامه إلى أقاويل الشافعي حتى يؤديه اجتهاده إليها، فإذا أداه اجتهاده إلى الأخذ بقول أبي حنيفة عمل عليه، وأخذ به، وقد منع بعض الفقهاء من اعتزى إلى مذهب أن يحكم بغيره، فمنع الشافعي أن يحكم بقول أبي حنيفة، ومنع الحنفي أن يحكم بمذهب الشافعي إذا أداه اجتهاده إليه لما يتوجه إليه من التهمة والممايلة في القضايا والأحكام، وإذا حكم بمذهب لا يتعداه كان أنفى للتهمة وأرضى للخصوم، وهذا - وإن كانت السياسة تقتضيه - فأحكام الشرع لا توجيه لأن التقليد محظور، والاجتهاد فيها مستحق. وإذا نفذ قضاؤه بحكم وتجدد مثله من بعد أعاد الاجتهاد فيه وقضى بما أداه اجتهاده إليه وأن خالف ما تقدم حكمه. .
٨٢٢ - وقدرك خير من وليمة جارك
الأغاني:(قال إسحاق الموصلي) قال لي أبو زياد الكلابي: أولم جار لي يكنى أبا سفيان