للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[محمد]

للشاعر الفيلسوف جيته

بقلم الأستاذ الجليل معروف الأرناءوط

أولع جيته شاعر ألمانيا الأكبر وأديب الإنسانية الأعظم في شبابه بأشعار الشرق وأقاصيصه، وبلغ من ولعه بمحاسن الشرق حداً جعله يتهافت على دراسة ماضي شعوبه، وفي سنة ١٧٧٢ قرأ جيته للمرة الأولى ترجمة القرآن للأستاذ ماغرلين فسحرته بلاغة سورة إبراهيم، كما استهوته طفولة محمد، هذه الطفولة البارعة التي أمضاها في بيت حليمة السعدية مرضع الرسول اليتيم، وكان جيته على نصرانيته يشعر بصفاء الإسلامية وطهارتها، فعكف على دراسة حياة محمد وخرج من هذه الدراسة التي وهب لها عواطفه واحساساته بروايته التمثيلية (محمد) وهي مأساة في ثلاثة فصول أودعها جيته أرق أشعاره وأعذبها، وكان أمتع فصول هذه الرواية التي لم تنقل لسوء الحظ الى اللغة العربية ذلك الفصل البارع الذي صور فيه شاعر ألمانيا الأكبر محمد معتزلاً قومه ليعيش في الريف، وفي هذا الفصل يتحدث الرسول الى الكواكب، ثم يفتح صدره لله فيغمره بنوره الخالد، ويخرج يتيم مكة بعد ذلك الى العالم نبياً ورسولاً.

ومما هو جدير بالذكر أن رواية محمد لم تكد تظهر في ألمانيا حتى راح خصوم جيته يتهمونه بالكفر والخروج على النصرانية فنشر جيته على أثر ذلك رسالته المشهورة وعنوانها: لماذا آمنت بمحمد، وذكر فيها أنه أحب محمد كما أحب عيسى بن مريم، وانه يرى في الإسلام ديانة الخلق السامي الصحيح.

وقد نقلنا بعض فقرات من هذه الرواية العظيمة ليقف القراء على رأي سيد أدباء العالم في سيد أنبياء العالم.

الفصل الأول - المشهد الأول

(محمد ينظر الى الكواكب. . .)

أواه! لا أستطيع ان أفرق بينك يا أشعار السماء، الا ترين الى نفسي وقد برح بها شجن بليغ عنيف، لقد كان من أرضى أماني هذه النفس أن تهب احساساتها لكل كوكب؟ فما قدرت على ذلك؟ فأي هذه النجوم الفواتن يسلفني السمع ويسترق صلاتي؟ أي هذه النجوم

<<  <  ج:
ص:  >  >>