لعلك تعجب إذا علمت أن منطقة النوبة الآن من المناطق المصرية، التي ارتفعت فيها نسبة المتعلمين إلى درجة عظيمة، لم تصل إليها كثير من بلدان الوجه البحري، وأن الجيل الحديث من النوبيين كله متعلم مائة في المائة تقريباً.!!
ومن النادر أن تجد صبياً لا يذهب إلى المدرسة، يتلقى العالم في شغف وتواضع وطاعة محببة إلى النفوس. وبخاصة نفوس الآباء والمدرسين. . . وإذا كنا نرى كثيراً من الصبية يهربون من المدارس في مدننا وريفنا، وأن كثيراً من الآباء وأولياء الأمور يعلمون الحيلة للتخلص من إرسال أولادهم إلى المدارس في الريف، ليساعدهم في الحقل، ويعاونهم في الحرث والري والحصاد. . وقدينا لهم من جراء ذلك كثير من الغرامات المادية فلا يبالون بها، ولا تردعهم عن مخالفهم وتهربهم من العلم، وفرارهم من التعليم، وعزوفهم عن المدارس مع ما فيها من خير كثير. . إذ كنا نرى هذا، فلن نجد لهذه الظاهرة أثراً في النوبة على الإطلاق، بل على العكس من ذلك، نرى التزاحم الشديد، والإقبال العجيب، والتنافس في الالتحاق بالمدارس على اختلاف أنواعها. وشتى ضروبها، مما يثير في النفس عوامل الدهش والارتياح، والفرح والاغتباط، ولعل هذا راجع إلى أن أولياء الأمور في النوبة أدركوا الآن قيمة العلم، وأثر التعليم في تهذيب النفوس، والحصول على المراكز السامية، والمناصب الرفيعة، وأنه الطريق الوحيد لسعادة أبنائهم وذرايتهم، وأنهم لا يحتاجون إلى مجهود أبنائهم الضئيل، كما يحتاج إلى ذلك المجهود أولياء الأمور في الريف المصري في غير منطقة النوبة. . .
والمدارس في النوبة أنواع كثيرة، تدعوا اليها الحاجة، وتتطلبها البيئة القاسية، مما لا تتوفر في كثير من المناطق المصرية، فمنها:
١ - قسم ثانوي في عنيبة لم يكمل بعد، ويأمل النوبيون في وزير العلم، أن ينمو هذا القسم نمواً مطرداً يناسب نهضة البلاد، وإقبال أهلها على التعليم الثانوي خاصة، ولتكن مدرسة فاروق الأول الثانوية، قائمة في عنيبة بجانب أختها مدرسة فؤاد الأول الأبتدائية، وهذه