عند ما انتهى المصريون من تشييد معبد الكرنك الفخم، تكريماً للإله (آمون)، دعا (آمون) الآلهة الآخرين إلى اجتماع خاص ليختاروا أحسن هدية تقدم لبني مصر مكافأة لهم على عملهم، ولا سيما أن المصريين ما برحوا يبنون مثل هذه المعابد الشاهقة لآلتهم من آن الآخر. . . فاقترح (هوروس) الإله الشاب أن تقدم إلى فرعون آلة سينما لتسليته هو وأولاده في ليالي الشتاء العابسة، ولكن الإله (سوكر) وكان شيوعي النزعة اعترض على هذا الاقتراح قائلاً: إن الشعب المصري هو الذي أُرهق في بناء المعبد، فالهدية يجب أن تكون له لا لفرعون، فثار بعضهم على اعتراض (سوكر) وكاد المجلس ينقلب إلى عراك بين شيوعيين وفرعونيين، إلا أن (أنوبيس) - آله الموتى - صاح فيهم بصوته المزعج: أنصتوا إليّ لقد وجدت ضالتكم، أقيموا للمصريين جبلاً الذهب بجوار طيبة أو منفيس فانهم يعبون هذا المعدن في حياتهم، ويستصحبونه معهم في قبورهم بعد مماتهم. ولكن (حوتيب) آله الحكمة اعترض على هذا فقال: إن وجود الذهب بمثل هذه الكثرة في مصر يعلّم أهلها الجشع والكسل. . ثم هنالك الأجانب الذين يرهقون البلاد وهي فقيرة، فما بالك إذا عرفوا وجود مثل هذا الكنز؟ إن هؤلاء القوم لا حدّ لطمعهم، تصوّر انهم أنشئوا بوارج في السموات ليستولوا بها على عالمنا العلوي بعد ما انتهوا من الاستيلاء على الأرض؟
ثم رأى إله ثالث غرس غابات في مصر حتى تخف حرارة الجو في الصيف، ولكن (ست) وكان إلها أنانياً صاح: هل جننت حتى ترى مثل هذا الرأي؟ إلا تدري أن الجو إذا رطب صارت هياكلنا رماداً في سنين قليلة.؟
ثم نهض (آمون) الإله الأكبر الذي لازم السكوت طول الحديث وقال: أبنائي الأعزاء لا تتبعوا أنفسكم، ولا تجهدوا قرائكحم، لقد وجدت ما تنشدون وعرفت أحسن هدية تقدم لمصر ولشعبها الوفي، سأعطيها حياة هنيئة سعيدة، سأعطيها نهراً عظيما ينتفع به الحاكم والمحكوم، الإنسان والحيوان على السواء. سأعطيها وادياً خصباً. . سأعطيها النيل. .
فوافق الآلهة بإجماع الآراء على هذا الرأي المفيد، ثم استمر (آمون) قائلاً: وسندعو الآلهة