كتب الأستاذ سامي أمين في عدد الرسالة الماضي كلمة بهذا العنوان تعقيبا على كلمة لي عن ديوان:(أ، فاس محترقة) للشاعر المصري محمود أبو الوفا.
وكنت أحب أن أجد في كلمة الأستاذ سامي أمين ما أناقشه إيضاحا لرأيي الفني في الشعر - فأنا لا أحب إهمال آراء الناس وعدم الاهتمام بها - ولكنني أسف لأنني لا أجد هنا رأيا فنيا صالحا للمناقشة. إنما أجد تهجما ينقصه الاتزان والجد واللياقة: أولا: على صاحب أنفاس محترقة حيث يقول الكاتب: (هذا الهذيان المطلق الذي لا تربط بينه قافية واحدة ولا فكرة واحدة وثانيا: علي أنا حيث يقول: (فيريد الشعر بهذا الشكل المشوه الممسوخ) ثم باتهامي بالمحاباة لمجرد أن الشعر مصري!.
وقراء الرسالة الذين يعرفونني أكثر مما يعرفني السيد سامي يعرفون أن المحاباة وفكرة القومية المصرية الضيقة هما آخر تهتمين يمكن إلصاقها بي!. أما ذوقي الأدبي كناقد فني فأمره متروك لهؤلاء كذلك!.
وأنا أعتذر للسيد سامي أمين إذا لم أجد فيما عرض بعد ذلك شيئا أناقشه؛ فهو مجرد ذوق بدائي جدا في فهم الشعر كنت أحسب أننا انتهينا منه منذ زمن طويل. ونماذج من الشعر تمد يدك فتجد منها حيث شئت الكثير!.
وهذا الذي عرضه لا يمثل نهضة الشعر العراقي حيث تلتمع قوية مرموقة تشير إلى معقد الزعامة الشعرية في العالم العربي. ولعل الفرص تسنح لعرضها قريبا.
سيد قطب
بغداد بين الرشيد والمنصور:
ذكر الدكتور أحمد أمين بك، في كتابه الأخير عن هارون الرشيد، ص ٢٥ ما نصه:
(فمما فعله الرشيد أن سمي بغداد مدينة السلام، تشبيها لها بالجنة (دار السلام) وسمي قصر الخلافة بالحريم تلميحا إلى البيت الحرام، وجلب بعضا من الأنصار وسماهم بالأنصار، وجعل بابا من أبواب بغداد قليل الارتفاع لكي ينحني الداخل منه تشبيها بالسجود احتراما